كانت الكفار يبدؤن بأسماء آلهتهم فيقولون باسم اللات والعزى فوجب ان يقصد الموحد معنى اختصاص اسم الله ﷿ بالابتداء وذلك بتقديمه وتأخير الفعل فلذلك قدر المحذوف متأخرا اى باسم الله اقرأ او اتلو أو غير ذلك مما جعلت التسمية مبدأ له قالوا وأودع جميع العلوم فى الباء اى بي كان ما كان وبي يكون ما يكون فوجود العوالم بي وليس لغيرى وجود حقيقى الا بالاسم والمجاز وهو معنى قولهم ما نظرت شيأ الا ورأيت الله فيه او قبله ومعنى قوله ﵇ (لا تسبوا الدهر فان الدهر هو الله) فان قلت ما الحكمة والسر في ان الله تعالى جعل افتتاح كتابه بحرف الباء واختارها على سائر الحروف لا سيما على الالف فانه أسقط الالف من الاسم واثبت مكانه الباء في بسم فالجواب ان الحكمة في افتتاح الله بالباء عشرة معان أحدها ان في الالف ترفعا وتكبرا وتطاولا وفي الباء انكسارا وتواضعا وتساقطا فمن تواضع لله رفعه الله وثانيها ان الباء مخصوصة بالإلصاق بخلاف اكثر الحروف خصوصا الالف من حروف القطع وثالثها ان الباء مكسورة ابدا فلما كانت فيها كسرة وانكسار في الصورة والمعنى وجدت شرف العندية من الله تعالى كما قال الله تعالى (انا عند المنكسرة قلوبهم من اجلى) ورابعها ان في الباء تساقطا وتكسرا في الظاهر ولكن رفعة درجة وعلو همة في الحقيقة وهي من صفات الصديقين وفي الالف ضدها اما رفعة درجتها فبانها أعطيت نقطة وليست للالف هذه الدرجة واما علو الهمة فانه لما عرضت عليها النقط ما قبلت الا واحدة ليكون حالها كحال محب لا يقبل الا محبوبا واحدا وخامسها ان في الباء صدقا في طلب قربة الحق لانها لما وجدت درجة حصول النقطة وضعتها تحت قدمها وما تفاخرت بها ولا يناقضه الجيم والياء لان نقطهما في وضع الحروف ليست تحتهما بل في وسطهما وانما موضع النقط تحتهما عند اتصالهما بحرف آخر لئلا يشتبها بالخاء والتاء بخلاف الباء فان نقطتها موضوعة تحتها سواء كانت مفردة او متصلة بحرف آخر وسادسها ان الالف حرف علة بخلاف الباء وسابعها ان الباء حرف تام متبوع في المعنى وان كان تابعا صورة من حيث ان موضعه بعد الالف في وضع الحروف وذلك لان الالف في لفظ الباء يتبعه بخلاف لفظ الالف فان الباء لا يتبعه والمتبوع في المعنى أقوى وثامنها ان الباء حرف عامل ومتصرف في غيره فظهر لها من هذا الوجه قدر وقدرة فصلحت للابتداء بخلاف الالف فانه ليس بعامل وتاسعها ان الباء حرف كامل في صفات نفسه بانه للالصاق والاستعانة والاضافة مكمل لغيره بان يخفض الاسم التابع له ويجعله مكسورا متصفا بصفات نفسه وله علو وقدرة في تكميل الغير بالتوحيد والإرشاد كما أشار اليه سيدنا على رضى الله عنه بقوله [انا النقطة تحت الباء] فالباء له مرتبة الإرشاد والدلالة على التوحيد وعاشرها ان الباء حرف شفوى تنفتح الشفة به ما لا تنفتح بغيره من الحروف الشفوية ولذلك كان أول انفتاح فم الذرة الانسانية في عهد الست بربكم بالباء في جواب بلى فلما كان الباء أول حرف نطق به الإنسان وفتح به فمه وكان مخصوصا بهذه المعاني اقتضت الحكمة الإلهية اختياره من سائر الحروف فاختارها ورفع قدرها واظهر برهانها وجعلها مفتاح كتابه ومبدأ كلامه وخطابه تعالى وتقدس كذا في التأويلات النجمية واسم الله ما يصح
1 / 7