رسم المصحف وضبطه بين التوقيف والاصطلاحات الحديثة

Shaaban Ismail d. 1443 AH
2

رسم المصحف وضبطه بين التوقيف والاصطلاحات الحديثة

رسم المصحف وضبطه بين التوقيف والاصطلاحات الحديثة

ناشر

دار السلام للطباعة والنشر

ایڈیشن نمبر

الثانية

اصناف

ربه -جل وعلا- فيحفظه ويعيه، ثم يبلغه لأصحابه ﵃ فيحفظونه كذلك، ويحفظونه لغيرهم كما سمعوه من رسول الله ﷺ مجودا مرتلا، عملا بتوجيه الله تعالى في قوله: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ ١. ومع أن الأمة العربية التي شرفت بنزول القرآن الكريم بلغتها كانت تعتمد على الحفظ أكثر من اعتمادها على الكتابة، إلا أن رسول الله ﷺ -زيادة في التوثيق- اتخذ له كُتَّابا يكتبون له ما ينزل به الوحي، ومنهم: الخلفاء الأربعة، وأبان بن سعيد، وأبي بن كعب، وثابت بن قيس، وخالد بن الوليد، وزيد بن ثابت، ومعاوية بن أبي سفيان ﵃ جميعا. فكان كلما نزلت آية أو آيات أمرهم ﷺ بكتابتها، بعد أن يدلهم على موضعها من السورة، فيقول لهم: "ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا، قبل كذا وبعد كذا ... " ٢ كما كان سائر الصحابة يكتبون لأنفسهم مثل ذلك، متحرين الدقة والأمانة في كل ما يقرءون أو يكتبون: فكانوا إذا تماروا٣ في الآية يقولون: إنه أقرأ رسول الله ﷺ هذه الآية فلان بن فلان، وهو على رأس أميال من المدينة، وفي رواية: على رأس ثلاث ليال، فيبعث إليه من المدينة، فيجيء، فيقولون: كيف أقرأك رسول الله ﷺ آية كذا وكذا؟ فيقول: كذا وكذا. فيكتبون كما قال٤. وكانوا يكتبون ذلك على عسب السعف -وهو الطرف العريض من جريد النخل- والألواح من أكتاف الغنم وغيرها من العظام الطاهرة، والرقاع -وهي الجلود- واللخاف -وهي الحجارة العريضة البيض التي تشبه الألواح- وغير ذلك من الوسائل التي كانت متيسرة حينذاك.

١ المزمل: ٤. ٢ رواه أبو داود في سننه بنحوه في كتاب الصلاة، باب من جهر بها، أي بالبسملة، والترمذي في أبواب التفسير، في تفسير سورة التوبة، وقال: حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث عوف عن يزيد الفارسي عن ابن عباس، والإمام أحمد في المسند "١/ ٥٧، ٥٩"، والنسائي في فضائل القرآن، والحاكم في المستدرك "٢/ ٢٢١-٢٢٢"، وأبو داود في المصاحف "١/ ٢٣٠". ٣ تماروا: أي تجادلوا. ٤ انظر: المقنع في معرفة مرسوم مصاحف أهل الأمصار لأبي عمرو الداني ص٨.

1 / 6