وهكذا تقع أحداث المسرحية جميعا في أربعة أيام كاملة وهي سرعة فائقة تجعل من التتابع مرادفا للتطرف في الحب عند العاشقين، والتطرف في الانفعالات عند تيبالت وأقرانه، والتطرف في الهزل والسخرية عند مركوشيو وأترابه، أي إن هذه السرعة الفائقة في نبض المسرحية تسرع من إيقاع الحدث الذي يجاري إيقاع عواطف الشخصيات. ولا توجد أمامنا إلا صعوبة واحدة وهي أن القس لورنس يحدد موعد انتهاء مفعول الشراب المنوم باثنتين وأربعين ساعة، وقد ولدت هذه العبارة مشكلات لا حد لها بالنسبة لعدد من النقاد الذين يتوخون الحرفية في قراءة النص، فقال بعضهم إن القس لم يقل هذه العبارة إلا ليتظاهر بالدقة والتحديد لكل ما يفعل، وقال البعض الآخر إن شيكسبير كان يعول على أن النظارة لن يلتفتوا كثيرا إليها، أو أن السبب هو أن «بروك» قد أشار في قصيدته الطويلة إليها فنقلها عنه شيكسبير باعتبارها «حقيقة» طبية لم يشأ تغييرها رغم جميع التغييرات الأخرى التي أدخلها على المسرحية. ولكن جمهور المخرجين اليوم يعمدون إما إلى حذفها من الحوار وإحلال عبارة عامة محلها مثل «عدد محدد من الساعات» أو إلى جعل القس يقولها بطريقة توحي بالتردد فتفقد النظارة الثقة في طول المدة.
أما تركيز المناظر فيعتمد شيكسبير فيه على الإيحاء الدائم بوجود خلفية فسيحة كالبستان أو الفناء أو الميدان بحيث تكون مقدمة المسرح هي مكان الحدث وباقي المسرح مفتوحا دائما.
أما المناظر التي تتغير باستمرار فهي: (1)
شارع من شوارع فيرونا (خلفه ميدان). (2)
قاعة أو بهو واسع في منزل أسرة كابيوليت (تطل على الحديقة). (3)
صومعة القس لورنس (وخلفها منظر طبيعي شاسع). (4)
بستان منزل كابيوليت. (5)
مقبرة ضخمة فخمة من الرخام (وراءها فناء الكنيسة الرحيب).
ولما كان الأساس في أحداث المسرحية هو السرعة والتنقل الدائم (كما تقول مارجريت ويستر) فقد نشأت مشكلة لدى المخرجين المحدثين بالنسبة لتغيير المناظر بالسرعة المطلوبة، خاصة أن تتابع الحدث لا يتيح للمخرج أن يبطئ من سيره لتقديم «استراحة» بين الفصول. بل إن التناقض الذي يعكس جو التطرف في المسرحية والشخصيات بصفة عامة يقتضي اقتراب المشاهد بعضها من البعض، بل وتزامنها إذا أمكن! وقد استطاع «جون جيلجود» في إخراجه للمسرحية (مثلما فعل لورنس أوليفيه) أن يتغلب على هذه المشكلة بأن وضع تصميما للمناظر يمثل قطاعا رأسيا لمنزل أسرة كابيوليت يمثل على مستوى عال على خشبة المسرح داخل المنزل، ويمثل مستوى آخر منخفض على المسرح جانبا من البستان وجانبا من الطريق العام! وهكذا استطاع أن يطفئ الأنوار على أحد المستويين ويوقدها على المستوى الآخر، فينتقل في أقل من الثانية من مشهد إلى مشهد. ولا أعتقد أن مخرجي اليوم يمكن أن يواجهوا صعوبة في تغيير المناظر بعد التطور الكبير الذي أدخل على حرفية الديكور.
9
نامعلوم صفحہ