أما تغيير «النغمة» فقد يعتمد على الانتقال من الفصحى إلى العامية، أو الانتقال من النثر إلى الشعر انتقالا رفيقا أي بالزيادة التدريجية للإيقاع حتى يصل إلى إيقاع النظم! ولذلك كان الأمر يختلط أحيانا على ناشري شيكسبير حين يتصورون الشعر نثرا لوقوعه في سياق الهزل، كما حدث لمونولوج مركوشيو عن الملكة ماب (انظر ص90-92) ولقد رأيت في هذا الهزل ما هو أعمق من الهزل المعتاد بسبب المفارقات التي تكتسي نغمات هزل صارخة وهي ذات دلالة عميقة لا يمكن الاستخفاف بها لارتباطها بالإطار الاستعاري العام للدراما وهو الذي يسميه شيكسبير في تاجر البندقية بوهم الحب
fancy ، ويصوره في مسرحية معاصرة لروميو وجوليت (هي حلم ليلة صيف) باعتباره عاطفة هوائية متقلبة بل باعتباره صورة من صور الأحلام التي تنتمي لعالم الخيال (انظر الفصل الخامس، المشهد الأول من حلم ليلة صيف، كلام ثيسيوس) ولننعم النظر الآن إلى المونولوج الشهير عن الملكة ماب: إنه يبدأ في وسط حوار هازل في المشهد الرابع بين روميو ومركوشيو حين يعمد روميو إلى اللعب على الألفاظ فيعترض عليه مركوشيو قائلا: «افهم قصدي! فالحكم الصائب يعتمد على حسن الفهم!» فيرد روميو قائلا: «مقصدنا حسن إن نحن ذهبنا للحفل ... لكن زيارتنا لا توحي بالحكم الصائب.» (لاحظ الإيقاع الذي يقترب من النظم).
م :
ولماذا من فضلك؟
ر :
لأنني رأيت حلما ... البارحة!
م :
وأنا أيضا!
ر :
وماذا رأيت؟
نامعلوم صفحہ