الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)
الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)
اصناف
ولنعد الآن إلى الدير حين ذهب إليه داغوبير بدعوة رئيسه، فإن الأب جيروم كان قد شفي فجأة من هذا المرض الخفي الذي أصابه، فلما جاءه داغوبير قال له: إن الوقت قد أزف يا بني، فإني أجد من نفسي قوة تعينني على هذا السفر الذي أخبرتك عنه. - إني مستعد يا سيدي للذهاب معك إلى حيث تريد. - ولكني لا أستطيع مبارحة ديري، إلا بإذن خاص من الرئيس العام المقيم في أورليان؛ ولذلك سأرسلك يا بني بهذا الكتاب إلى الرئيس.
ثم أعطاه كتابا ضخما مختوما بالشمع بختم الدير، فأخذه داغوبير وقال: أيجب أن أذهب الآن؟ - كلا، بل نسافر بعد الظهر، وفي خلال ذلك تخبر حنة بعزمنا على السفر كي تتأهب له.
فأخذ داغوبير الكتاب وعاد إلى دكانه، فوجد تنوان النورية وحدها فإن حنة كانت قد أسرعت بالعودة إلى غرفتها كما تقدم.
وبعد أن ذهبت تنوان وبقي داغوبير وحده يشتغل، نزلت إليه حنة فحيته وقبل جبينها كما عودها منذ الحداثة، ثم جلست بجانبه فقال لها: إني مسافر اليوم إلى أورليان بأمر الأب جيروم. - أهي بعيدة من هنا؟ - سبع مراحل. - متى تسافر؟ - عند غروب الشمس. - متى تعود؟ - بعد انتصاف الليل، ولكني سأقفل باب الدكان حين انصرافي، فإذا طرقه طارق فاحذري أن تفتحي إلا إذا كان الطارق أنا، أتعدينني بذلك؟ - بلا ريب. - بقي أمر يجب إخبارك به وهو أننا مسافرون كلنا غدا.
فارتعشت حنة وقالت: من كلنا؟ - أنا وأنت والأب جيروم.
فاصفر وجهها وقالت: إلى أين نسافر؟ - إلى باريس. - ما عسانا نصنع في باريس؟ - نذهب إليها للبحث عن ثروتك. - أنا لي ثروة! - نعم فإنك ثرية، وربما وجدنا عائلتك أيضا.
فقالت بلهجة الأسف: ألم تقل لي مرات إن أهلي قد ماتوا؟ - هو ذاك، ولكن ألا تذكرين اليوم الأول الذي أتيت به إلى هنا؟ - نعم أذكر ذلك فقد كنت صغيرة، وجاء بي إلى هنا عمي راوول، ولكنك قلت لي أيضا إنه مات. - إني كنت أحسبه ميتا، غير أن الأب جيروم يقول إنه حي.
فظهرت عليها علائم السرور وقالت: أهذا أكيد؟ - هذا ما يقوله الأب جيروم، وربما وجدنا عمك في باريس.
فعادت الفتاة إلى الانقباض، ثم تنهدت وقالت: إن عمي قد يخطر له أن يبقيني عنده. - ذلك ممكن.
فاضطرب صوتها وقالت: إذن لا أعود إلى هنا؟
نامعلوم صفحہ