الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)
الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)
اصناف
فمنذ سبعة أعوام؛ أي بعد وفاة والدك بزمن طويل، احترق قصر عمك فالتهمته النار مع امرأته وولده، وهو هذا القصر الذي نقيم فيه الآن، وقد اتصل إلينا بالإرث وأعدنا بناءه. - لعلنا ورثنا أمواله؟ - نعم، ولا. - إني لا أفهم ما تقولين. - إن رجال الشرع حين جردوا ثروة عمك صاحب هذا القصر الذي ورثناه منه، قالوا إن ثلاثة أرباع هذه الثروة مفقود، وإن المال المفقود كله أوراق مالية موضوعة في صندوق صغير من الحديد، غير أن هذا الصندوق لم نجده فلم نرث غير الأرض، فاقتسمناها مع عمك والد أورور. - ألم تعلموا من أخذ الصندوق؟ - كلا، ولكن أصغ لي، فإن لعمك المتوفى قصرا في باريس في شارع باي، كان الصندوق فيه، فلما كان عمك المتوفى هنا دخل لص إلى القصر في باريس ومعه شريكان، فأوثقوا حارس القصر وكمموا فمه غير أن الحارس عرف اللص بالرغم من تنكره. - لعله تمكن من سرقة الصندوق؟ - هذا ما نظنه. - ولكن أية علاقة يا أماه بين هذه السرقة وبين كرهك عمي والد أورور؟ - إن ذلك اللص الذي عرفه حارس القصر كان عمك والد أورور.
وقف لوسيان منذعرا وقال: رباه! ماذا أسمع؟ أيمكن هذا أن يكون؟ - لقد كان، فإننا لو افترضنا أن الحارس قد خدع به فكيف اختفى الصندوق؟
فسكت لوسيان هنيهة ثم قال: أرأيت يا أماه كيف أني لا أستطيع الاقتران بأورور؟ - لماذا؟ - كيف تسألينني وأنت تقولين إن أباها سرق المال؟ فهل تريدين أن أتزوج ابنة لص؟ - إني أريد أن تتزوجها كي يعود هذا المال إليك بعد وفاة أبيها، وليس ذاك اليوم ببعيد، فإن مرضه شديد.
فقاطعها لوسيان وقد بدت عليه علائم الكراهة والاشمئزاز وقال: يشهد الله يا أماه أعبدك وأحترمك ولا أحب حبا يعادل حبي لك في هذا الوجود، ورجائي أن ما أردت قوله الآن غير تجربتي.
ثم حيا أمه وحاول الانصراف، فأدركت أمه أنها تسرعت في إخباره مثل هذه الأمور مرة واحدة وقالت له: إذا كان الأمر كذلك، فلندع أمر هذا الزواج في الوقت الحاضر. - بل وفي كل حين، وأرجو ألا تحدثيني به فإنه محال. وبعدها فتح الباب ودخل الخادم وقال: إن العشاء يا سيدتي قد تهيأ.
فدخل لوسيان مع أمه إلى قاعة الطعام فتعشيا ثم افترقا.
ودخلت أمه إلى غرفتها فجعلت تقول في نفسها: إني قد أخطأت خطأ عظيما بعدم مراقبة لوسيان، فإن قراءة كتب الفلاسفة قد جعلته يحتقر المال ويميل إلى مبادئهم، وقد أخطأت أيضا بما رويته له عن عمه، ولكني أرجو أن يصلح اجتماعه بأورور ما أفسدته بتسرعي.
وفيما هي تناجي نفسها دخلت عليها تنوان وهي وصيفتها، فقالت لها الكونتس: أرأيت لوسيان يا تنوان؟ - نعم، إنه يتنزه في الحديقة ولكن ملامح الغضب بادية بين عينيه، ولا شك بحت له ببعض الأسرار. - نعم، فلقد أخبرته بشأن عمه. - أخطأت يا سيدتي خطأ لا يغتفر، لا سيما وأنت تتهمين والد أورور نفس التهمة التي يتهمك بها. - لم أفهم ما تقولين؟ - إن الكونت إذا كان يريد تزويج ابنته أورور بلوسيان فلاعتقاده أنك أنت سارقة الصندوق.
فذهلت الكونتس وجعلت تنظر إلى الوصيفة نظر الفاحص دون أن تتكلم.
13
نامعلوم صفحہ