قلبه). فإنما ينصقل بالأنوار حتى يتجلى كالمرآة المجلية، فإذا صار كالمرآة تراءت له الدنيا على هيئتها، والآخرة على هيئتها والملكوت، فإذا لاحظ في الملكوت عظمة الله ﷿ جلاله، صارت الأنوار كلها نورًا واحدًا، فامتلأ الصدر شعاعًا، بمنزلة رجل نظر في المرآة، فأبصر صورة نفسه فيها، وأبصر ما بين يديه وما خلفه فيها، فإذا قابل بها عين الشمس، وقع الشعاع في البيت، فأشرق البيت من تقابل النورين: نور عين الشمس، ونور المرآة، فكذلك القلب إذا جلى فانجلى، فلاحظ العظمة والجلال، تجلت العظمة بين الحجاب لذلك القلب المجلي، لأنه طاهر من أدناس المعاصي، وأدناس الشهوات، وأدناس الهوى، والتقى النوران فامتلأ القلب شعاعًا، فهناك تموت النفس ويخشع القلب.
حدثنا سفيان بن وكيع، وقتيبة بن سعيد، قائلًا: حدثنا عبد الوهاب الثقفي، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن النعمان بن بشير ﵁، قال: قال رسول الله صلى الله عيه وسلم. (إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنه إذا تجلى الله ﷿ لشيء من خلقه خشع له؛ ولذلك لما تجلى لطور سينا، صارت البقعة التي وقع التجلي عليها كالهباء المبثوث، وما في جوارها ساخت في الأرض، فهي تذهب في تلك البحار التي من وراء الدنيا، إلى يوم القيامة، فلا تستقر، وما في جوارها أبعد منه، صارت ثماني فلق،
1 / 61