يدين ذواتي أصابع ومفاصل. يبسط ويقبض؛ ورجلين موشجتين في الوركين، ذواتي ساقين؛ وقدمين يختلف بهما في قطع المسافات؛ وعينين بهما يشتمل على الألوان لذة وجهدًا؛ وأذنين بهما يتناول الأصوات لذة وخبرا؛ ولسانا يديره في قبو حنكة إلى شفتيه، ليتلفظ بنغماته من صدره إلى شفتيه، مؤدية تلك النغمات معاني الأمور التي يعقل، وتتردد في صدره صور تلك الأمور، فتصير تلك الصور حروفًا مؤلفة، فيبرزها بصوت يسمع به آذان المستمعين له، حتى تصير تلك الأسماع قمعًا لهذا الصوت، فيتحول ما في صدر هذا من علم الأمور، إلى صدر المستمع، من طريق فم هذا إلى أذن الآخر، فيكون قد أفرغ ما في صدره من صور الأمور ومعانيها بالحروف والصوت، إلى صدر صاحبه. وجعل له منخرين للنفس والمشام، ومعدة صيرها دار رزقه؛ وباب هذه الدار متصل بالقبو، وبابين في أسفل جسده، أحدهما
مخرج للذرية، والآخر مخرج الفضول والأذى؛ وذلك أن العدو لما غره حتى أكل من حتى أكل الشجرة، وجد السبيل إلى معدته بتلك الأكلة التي أطاعه فيها، فجعله مستقره، فنتن ما في المعدة لرجاسة العدو؛ فمن هاهنا وجب علينا غسل الأطراف مما يظهر من المعدة من الغائط والبول وريحهما؛ ثم وضع في جوفه بضعة جوفاء سماها قلبًا وفؤادًا، فما بطن منها فهو القلب، وما ظهر منها فهو فؤاد؛ وإنما سمي قلبًا لأنه يتقلب بتقليب الله ﷿ إياه، لأنه بين إصبعين من أصابع الرحمن ﷿، يقلبه بمشيئاته فيه؛ وسمي فؤادًا لأنه غشاء لتلك
1 / 30