رياض الصالحين
رياض الصالحين
تحقیق کنندہ
ماهر ياسين الفحل
ناشر
دار ابن كثير للطباعة والنشر والتوزيع
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
1428 ہجری
پبلشر کا مقام
دمشق وبيروت
اصناف
حدیث
١٩ - باب فيمن سن سنة حسنة أَوْ سيئة
قَالَ الله تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ [الفرقان: ٧٤]، وَقالَ تَعَالَى: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا﴾ [الأنبياء: ٧٣].
١٧١ - عن أَبي عمرو جرير بن عبد الله ﵁ قَالَ: كنا في صَدْرِ النَّهَارِ عِنْدَ رَسُول الله ﷺ فَجَاءهُ قَومٌ عُرَاةٌ مُجْتَابي النِّمَار أَوْ العَبَاء، مُتَقَلِّدِي السُّيُوف، عَامَّتُهُمْ من مُضر بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ، فَتَمَعَّرَ رَسُول الله ﷺ لما رَأَى بِهِمْ مِنَ الفَاقَة (١)، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ، فَأَمَرَ بِلالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، فصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ، فَقَالَ: «﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ إِلَى آخر الآية: ﴿إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: ١]، والآية الأُخْرَى التي في آخر الحَشْرِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾ [الحشر: ١٨] تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ، مِنْ دِرهمِهِ، مِنْ ثَوبِهِ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ - حَتَّى قَالَ - وَلَوْ بِشقِّ تَمرَةٍ» فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعجَزُ عَنهَا، بَلْ قَدْ عَجَزَتْ، ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى رَأيْتُ كَومَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ، حَتَّى رَأيْتُ وَجْهَ رَسُول الله ﷺ يَتَهَلَّلُ كَأنَّهُ مُذْهَبَةٌ. فَقَالَ رَسُول الله ﷺ: «مَنْ سَنَّ في الإسلامِ سنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أجْرُهَا، وَأجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، مِنْ غَيرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورهمْ شَيءٌ، وَمَنْ سَنَّ في الإسْلامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيهِ وِزْرُهَا، وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أوْزَارِهمْ شَيءٌ» (٢) رواه مسلم. (٣) ⦗٧٩⦘
قَولُهُ: «مُجْتَابِي النِّمَارِ» هُوَ بالجيم وبعد الألِف باءٌ مُوَحَّدَةٌ، والنِّمَارِ جَمْعُ نَمِرَةٍ وَهِيَ كِسَاءٌ مِنْ صُوفٍ مُخَطَّطٌ. وَمَعْنَى «مُجْتَابِيهَا»، أي: لاَبِسيهَا قَدْ خَرَقُوهَا في رُؤوسِهِم. وَ«الجَوْبُ» القَطْعُ، ومِنْهُ قَولُهُ تعالى: ﴿وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ﴾ [الفجر: ٩] أي نَحتُوهُ وَقَطَعُوهُ. وَقَولُهُ: «تَمَعَّرَ» هُوَ بالعين المهملة: أيْ تَغَيَّرَ. وَقَولُهُ: «رَأَيْتُ كَوْمَينِ» بفتح الكافِ وَضَمِّهَا: أي صُبْرَتَيْنِ. وَقَولُهُ: «كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ» هُوَ بالذال المُعْجَمَةِ وفتح الهاءِ والباءِ الموحَّدةِ قالَهُ القاضي عِيَاضٌ وَغَيرُهُ وَصَحَّفَهُ بَعْضُهُمْ، فَقَالَ: «مُدْهُنَةٌ» بدَال مهملة وَضَمِّ الهاءِ وبالنونِ وكذا ضبطه الحميدي (٤). والصحيح المشهور هُوَ الأول. والمراد بهِ عَلَى الوجهين: الصفاءُ والاستنارة.
(١) أي شدة الاحتياج. دليل الفالحين ٢/ ٢٣٧. (٢) قال النووي في شرح صحيح مسلم ٤/ ١١٠ (١٠١٧): «فيه الحث على الابتداء بالخيرات وسن السنن الحسنات، والتحذير من اختراع الأباطيل والمستقبحات». (٣) أخرجه: مسلم ٣/ ٨٦ (١٠١٧) (٦٩). (٤) الجمع بين الصحيحين ١/ ٣٢٧ (٥٠٦).
1 / 78