رياض الصالحين
رياض الصالحين
تحقیق کنندہ
الدكتور ماهر ياسين الفحل رئيس قسم الحديث - كلية العلوم الإسلامية - جامعة الأنبار (وقد جعل تحقيقه للكتاب مجانا فجزاه الله خيرا)
ناشر
دار ابن كثير للطباعة والنشر والتوزيع
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م
پبلشر کا مقام
دمشق - بيروت
اصناف
حدیث
مقدمة المؤَلف الإمَام النوَوي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمْدُ للهِ الواحدِ القَهَّارِ، العَزيزِ الغَفَّارِ، مُكَوِّرِ (١) اللَّيْلِ على النَّهَارِ، تَذْكِرَةً لأُولي القُلُوبِ والأَبصَارِ، وتَبْصرَةً لِذَوي الأَلبَابِ واَلاعتِبَارِ، الَّذي أَيقَظَ مِنْ خَلْقهِ مَنِ اصطَفاهُ فَزَهَّدَهُمْ في هذهِ الدَّارِ، وشَغَلهُمْ بمُراقبَتِهِ وَإِدَامَةِ الأَفكارِ، ومُلازَمَةِ الاتِّعَاظِ والادِّكَارِ، ووَفَّقَهُمْ للدَّأْبِ في طاعَتِهِ، والتّأهُّبِ لِدَارِ القَرارِ، والْحَذَرِ مِمّا يُسْخِطُهُ ويُوجِبُ دَارَ البَوَارِ، والمُحافَظَةِ على ذلِكَ مَعَ تَغَايُرِ الأَحْوَالِ والأَطْوَارِ، أَحْمَدُهُ أَبلَغَ حمْدٍ وأَزكَاهُ، وَأَشمَلَهُ وأَنْمَاهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ البَرُّ الكَرِيمُ، الرؤُوفُ الرَّحيمُ، وأشهَدُ أَنَّ سَيَّدَنا مُحمّدًا عَبدُهُ ورَسُولُهُ، وحبِيبُهُ وخلِيلُهُ، الهَادِي إلى صِرَاطٍ مُسْتَقيمٍ، والدَّاعِي إِلَى دِينٍ قَويمٍ، صَلَوَاتُ اللهِ وسَلامُهُ عَليهِ، وَعَلَى سَائِرِ النَّبيِّينَ، وَآلِ كُلٍّ، وسَائِرِ الصَّالِحينَ.
أَما بعد، فقد قال اللهُ تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦ - ٥٧] وَهَذا تَصْريحٌ بِأَنَّهُمْ خُلِقوا لِلعِبَادَةِ، فَحَقَّ عَلَيْهِمُ الاعْتِنَاءُ بِمَا خُلِقُوا لَهُ وَالإعْرَاضُ عَنْ حُظُوظِ الدُّنْيَا بالزَّهَادَةِ، فَإِنَّهَا دَارُ نَفَادٍ لاَ مَحَلُّ إخْلاَدٍ، وَمَرْكَبُ عُبُورٍ لاَ مَنْزِلُ حُبُورٍ، ومَشْرَعُ انْفصَامٍ لاَ مَوْطِنُ دَوَامٍ، فلِهذا كَانَ الأَيْقَاظُ مِنْ أَهْلِهَا هُمُ الْعُبَّادُ، وَأعْقَلُ النَّاسِ فيهَا هُمُ الزُّهّادُ. قالَ اللهُ تعالى: ﴿إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [يونس: ٢٤]. والآيات في هذا المعنى كثيرةٌ.
_________
(١) أي مُلحق ومدخل وفي التنْزيل العزيز: ﴿يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ﴾ [الزمر: ٣٩].
1 / 5