يشرح شيئا من حاله وظرفه الذي عاش فيه خلال هذه المدة فيقول رحمه الله: «ومن أحسن الاتفاق أن جاء تاريخ عام التمام، موافقا لحساب طيب الختام، وهو عام ثلاث وتسعين وألف، وقد وفق الله سبحانه للشروع فيه والفراغ منه في وقت لا يتصور فيه صحبة قلم لبنان، ولا يتخيل فيه تصور مسألة في جنان، بل لا تقع العين الا على لمع مهند وسنان، ولا تصحب اليدين إلا قائم حسام، وجديل عنان، وذلك حين المرابطة بثغر العدو من الديار الهندية، والمنازلة لمنازلهم في كل صباح وعشية، والسمع لا يعي إلا صارخا: يا خيل الله اركبي، أو صائحا لما دهمه: يا غلام قرب مركبي» (1).
وفي سنة 1114 ه حيث طلب من السلطان إعفاءه والسماح له مع عائلته بزيارة الحرمين الشريفين فأذن له، فغادر الهند بعد أن قضى فيها ست وأربعون عاما، وفي هذه الفترة أيضا ألف كتابه النفيس «رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين» خلال اثنا عشر عاما، وفي ختام كتابه هذا يقول مشيرا إلى الظروف والأوضاع التي كتب خلالها شرحه المذكور فقال: «تم الشرح المسمى برياض السالكين لتسع بقين من شوال المبارك سنة ست ومائة وألف والله الحمد» (2) ثم قال: «والثقة باعدادهم (أي أهل البيت) كنت آيسا من إكماله وإتمامه واجتلاء بدره من أفق تمامه، وذلك لما منيت به بعد الشروع فيه من تقحم أخطار وأهوال، وتقلب شؤون وأحوال، وتجشم تنقلات وأسفار، وقطع مهامه وقفار.
لا أستقر بأرض أو أسير إلى * أخرى بشخص قريب عزمه نائي يوما بخروى ويوما بالعقيق * ويوما بالعذيب ويوما بالخليصاء وتارة أنتحي نجدا وآونة * شعب العقيق وطورا قصربتماء واني مع تفاقم شروى هذه المصائب، يسدد لمثل هذا الغرض سهم صائب، ومتى يتسع مع مثل هذه الأخطار فراغ خاطر لمطالعة أسفار ومراجعة
صفحہ 10