ـ[رياض النفوس في طبقات علماء القيروان وإفريقية وزهادهم ونساكهم وسير من أخبارهم وفضائلهم وأوصافهم]ـ
المؤلف: أبو بكر عبد الله بن محمد المالكي
حققه: بشير البكوش
راجعه: محمد العروسي المطوي
الناشر: دار الغرب الإسلامي، بيروت - لبنان
الطبعة: الثانية، ١٤١٤ هـ - ١٩٩٤ م
عدد الأجزاء: ٢
أعده للشاملة: رابطة النساخ، تنفيذ (مركز النخب العلمية)، وبرعاية (مؤسسة سليمان الراجحي الخيرية)
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
نامعلوم صفحہ
تصدير
صدرت الطبعة الأولى من «رياض النفوس» لأبي بكر المالكي (الجزء الأول) سنة ١٣٧٠ هـ /١٩٥١ م بعناية الدكتور حسين مؤنس. وظل النّاس-لا سيّما المعنيين بدراسة تاريخ إفريقية وحضارتها-يترقبون صدور الجزء الثاني منه. لأن كتاب «رياض النفوس» كما يقول محقق جزئه الأول-له أهمية قد لا تغني عنه فيها كتب التاريخ العام ف «.. بينما لا يقدم لنا ابن الأثير وابن خلدون وابن عذارى والنويري إلاّ تواريخ الأحداث السياسية لعصر ولاة بني أمية وأوائل العباسيين ودول الأغالبة والعبيديين وبني زيري، نجد صاحب الرياض يورد من الأقاصيص والأخبار عن الحياة العامة السياسية منها وغير السياسية ما يمكّننا من كشف النقاب عن بعض نواحي ذلك الظلام الدامس الذي يحيط بأحوال إفريقية في تلك العصور» (١).
أما المرحوم حسن حسني عبد الوهاب فقد بيّن أهمية كتاب «رياض النفوس» في تقديمه الجزء الأول من الكتاب بقوله: «.. وأخص ما يمكن أن يجتنيه الواقف على الرياض أمران مهمان نحن في حاجة أكيدة اليوم إلى الوقوف على تفاصيلهما:
الأول أخبار مقاومة أهل السنّة بالقيروان للدعوة الشيعية التي حاول عبيد الله المهدي وخلفاؤه من بعده فرضها جبرا على سكان البلاد. وهي أحداث خلت من ذكرها بالتفصيل المجاميع التاريخية الكبيرة.
الثاني أخبار المرابطة في المعاقل والحصون التي أنشأها عرب إفريقية على شاطئ البحر الأبيض المتوسط اتقاء مهاجمة الرّوم للسواحل المغربية مع بيان حياة المرابطين في غضون القرنين الثاني والثالث للهجرة تلك الظاهرة العجيبة التي تفرّدت بها إفريقية -لما فرضه عليها موقعها الجغرافي-دون غيرها من بلاد الإسلام» (٢).
هذا بالإضافة إلى احتواء الكتاب على الكثير من النصوص ذات الصلة الوثقى بالحضارة والثقافة واللغة بعضها اندثر وبعضها ما يزال حيّا في اللهجة التونسية. وإذا
_________
(١) رياض النفوس (ج ١ ص ٢٢ م) تحقيق د. حسين مؤنس.
(٢) المصدر السابق (٣ م).
مقدمة / 7
أضفنا إلى ذلك ما أصيبت به المكتبة العربية في إفريقية من نكبات خلال العصور مما جعلنا نعرف الكثير من أسماء كتب الطبقات والسير والمغازي والتاريخ العام والخاص دون أن يكون لها أثر في المشرق أو المغرب أو نقف على أعيانها، إذا أضفنا ذلك كلّه أدركنا مدى الأهمية التي يمكن أن يؤديها نشر كتاب «رياض النفوس» للمالكي بكامله.
والواقع أن الأنظار ظلّت متجهة إلى الدكتور حسين مؤنس تطلّعا إلى صدور الجزء الثاني من الكتاب. وكانت الأخبار تبلغنا من حين إلى حين أن الجزء الثاني من «رياض النفوس» على وشك الصدور حتى مضى أكثر من ربع قرن والكتاب لم يصدر. ولعلّ للدكتور حسين مؤنس المحترم ما يشفع له في ذلك. والغائب عذره معه كما يقولون. لكنّ ذلك لا يمنع السعي حتى يصدر الكتاب فعلا ويتناوله الناس ويستفيدون منه. ولهذا فما إن وجدت عند الابن الروحي «بشير البكوش» عزما على إصدار الجزء الثاني من «رياض النفوس» حتى شجعته على ذلك لما خبرته فيه من اطلاع واسع على «الافريقيات»، وهو اطلاع يصل الى مستوى التخصص، ومن دأب في العمل، وسعة المعرفة بالمصادر ذات العلاقة القريبة والبعيدة. وذلك ما سيجده بوضوح المطالع للكتاب لما أنجزه محققه من عمل جاد وجهد كبير. كما أن تناوله للجزء الأول بإعادة تحقيقه يكشف كذلك عمّا بذله من جهود في زيادة التحقيق، والشرح، وحتى الإصلاح للنص في كثير من الأحيان مما يجعل عمله يفوق بكثير مستوى المراجعة لعمل سابق.
شيء آخر لا بأس بالإشارة اليه هو أن تحقيق مثل «رياض النفوس» لا يحتاج فقط إلى المصادر القديمة والمعاجم اللغوية ولواحقها بل يحتاج كذلك إلى الممارسة ومعرفة بعض المفردات ذات المدلولات الخاصة قد لا توجد في المعاجم لكنها ما تزال باقية الاستعمال. وإن عدم اعتماد تلك الممارسة قد يوقع في الخطأ أو الاحتمال غير الوارد. ولعلّ من أبرز الأمثلة على ذلك بعض النماذج التي نذكرها تدليلا لا إحصاء:
١ - التاكما
وردت هذه الكلمة في الصفحة ٢٠٦ من الطبعة الأولى بتحقيق الدكتور حسين مؤنس وقد حوّلها المحقق إلى لفظة «التالمة» وعلّق عليها بقوله: «.. رسمها النسّاخ في الأصل خطأ: التاكما. وقد جاء في ملحق القواميس العربية لدوزي ما يلي: تالمة-
مقدمة / 8
Espece de scorsonere(Daumas،V.A.٣٨٢)،Salsifie Sauvage،Dozy.Supple- ment aux dictionnaires arabes ١،١٣٩.
أي إنه نوع من الحشائش البرية التي تؤكل» (٣).
والغريب أيضا أن المرحوم حسن حسني عبد الوهاب همّش على ذلك بكلمة «التالقة» مما قد يستنتج منه أن المرحوم أورد قراءة ثانية لتحريف النساخ. وكلا التأويلين بعيد عن الصواب ذلك أن القضية لا تتعلق بنوع من النبات أو البقول فقد جاء النص في «رياض النفوس» كما يلي: «.. كنت جالسا عند مالك فجاء قوم من البربر من أهل المغرب فسألوه فقالوا: ما تقول في التاكما فوصفوه له فلم نفهمه.
فقالوا لي-وكنت أحدث من في المجلس سنّا-قم: فقمت فربطوه عليّ كما يفعلون في بلادهم. فقال لهم مالك: لم تفعلون هذا؟ قالوا: نجمع فيه الحشيش من الزرع فتحضر الصلاة. فقال مالك: إذا كنتم إنما تفعلون هذا لمنافعكم.
فتحضركم الصلاة فتصلون به هكذا ما أرى به بأسا إن شاء الله» (٤) وهكذا يبدو أن الأمر يتعلق بشيء يربط ويوضع فيه الحشيش أو الزرع.
أما كلمة التاكما فهي من أصل بربري «تكمّست» وأن أهالي الجنوب التونسي ما تزال عندهم كلمة: التاكمية أو التوكامية ويعنون بها ما يربط بالاحرام أو الوزرة من صرة صغيرة تساعد على إثباته من ناحية وعلى استعمال قسم الأحرام أو الوزرة لحمل الحشيش أو غيره على الظهر.
٢ - القلقط
وفي ترجمة أبي هارون الأندلسي حدث أبو بكر المؤدب أن أبا هارون قال له مرارا كثيرة: إنه اشتهى «حوت قلّقط».ولكن الناشر السابق استند إلى رسم دوزي للكلمة بقاف أولى وفاء ثانية (قلفط). وقال «.. هكذا رسمها دوزي. وقد استشهد بهذه الفقرة بالذات من الرياض ولم يضف أي تفصيل من عنده ..» (٥) والصحيح هو ما ذكرناه وأنه (قلقط) بقاف أولى وقاف ثانية. وهو سمك معروف بهذا الاسم في
_________
(٣) رياض النفوس (٢٠٦: ١).
(٤) المصدر السابق.
(٥) رياض النفوس (٤٢٢: ١) وينظر دوزي (٣٩٧: ٢).
مقدمة / 9
مواطن عديدة بالساحل التونسي مثل المنستير والمهدية. وما زال الاسم متداولا إلى اليوم (٦).
ودون إطالة لا يستوعبها هذا التقديم يمكن القول بأن القلقط نوع من البلميط (Bonite) والبونيت (عربيّه بينيث) يطلق على أسماك كثيرة من فصيلة الأسقمريات القريبة من التن (٧).
٣ - ينقه
وفي صفحة ١٦٣ في ترجمة عنبسة بن خارجة وردت هذه الجملة «.. وكان مقام أبي خارجة في حصن على البحر يقال له ينقة» في ناحية صفاقس في الغربي منها ..» ولكن الناشر السابق علّق لفظة ينقة بعد أن غيرها إلى «بقّة»: في الأصل من غير نقط هكذا بقه. وقد صححت هذا الاسم بناء على ما جاء في «المغرب في ذكر بلاد إفريقية والمغرب» عن الكلام عن ناحية المهدية: «.. وكان لها أرباض كثيرة آهلة عامرة أقربها إليها ربض زويلة فيه الأسواق والحمّامات. وربض الحمى كان مسكنا لأجناد إفريقية من العرب والبربر و«قصر أبي سعيد» و«بقة» ألخ (٨) ونفس نص الرياض يبعد أن يكون المقصود حصن بقة لأنه إذا كان من أرباض المهدية فلا يمكن أن يكون غربي صفاقس. وإنما يعني صاحب رياض النفوس حصن ينقة الذي يقع بعد المحرس في الجنوب الغربي من صفاقس. وهو حصن قديم من عهد الرومان يطلق على محله اليوم عند عامة الناس «سيدي عنبسة» لمدفن عنبسة بن خارجة هناك. ومن أمثال المنطقة السائرة إلى اليوم «زي مضرورة يونقة» مشروح بأسطورة قديمة.
إلى غير ذلك من الأمثلة والشواهد التي سوف يلقاها القارئ بالمقارنة.
ومهما يكن فان الرغبة في المزيد من التثبت والاقتراب أكثر فأكثر من النص، والبعد عن التمحل والتأويل، يدعونا كلّ ذلك إلى التعاون على استخراج كنوز تراثنا على الصورة الأقرب إلى الكمال.
_________
(٦) قائمة الأسواق البلدية لمدينة تونس.
(٧) معلمة لاروس ومعجم المصطلحات العلمية والفنية ليوسف خيّاط.ويمكن العودة أيضا إلى معجم الحيوان لأمين المعلوف والموسوعة في علوم الطبيعة لادوار غالب وغيرها.
(٨) رياض النفوس (١٦٣: ١) حاشية (٤).
مقدمة / 10
وكان هذا وذاك مما جعلني أشجع السيد بشير البكوش على مواصلة تحقيقه فواكبته منذ البداية. وأبديت ما أمكن لي من ملاحظات وقراءات حتى وصل الكتاب بنصّه إلى القارئ على صورة تثبت الجهد والبحث في العديد من المصادر والمراجع. ورغم كلّ ذلك فلا أدعي أنا ولا السيد البكوش نفسه أن الكتاب أصبح خاليا من كلّ مأخذ ومن حاجة إلى المزيد من التصحيح والشرح، بل ما تزال فيه بعض الملابسات وان كانت قليلة فهي موجودة، ملتمسين من ذوي الاختصاص والاطلاع مدّنا بكل ما يرونه من ملاحظات على هذا العمل الذي نشكر دار الغرب الاسلامي على عنايتها به وحدبها على نشره.
والمؤمل أن تتواصل جهود هذا الباحث العصامي حتى يزيد من الإسهام المثمر في بعث كنوز الحضارة العربية الاسلامية في هذه الربوع. والله ولي التوفيق.
محمد العروسي المطوي
تونس ١٩ ذي الحجة ١٤٠٢
٦ أكتوبر ١٩٨٢
مقدمة / 11
تقديم
لمحة عن عناية أهل إفريقية
برواية أخبار بلدهم وتدوينها
اهتم أهل إفريقية من زمن مبكر بتدوين أخبار بلدهم وتسجيل أخبار رجالاته وتتّبع آثار الدول المتعاقبة عليه.
وحتى يتبين لنا موقع المالكي وكتابه، بين من سبقه أو عاصره أو جاء بعده، يجدر بنا أن نستعرض في عجالة نشأة وتطوّر فن التاريخ المتعلق بإفريقية وعاصمتها القيروان حتى عصر المالكي.
١ - عيسى بن محمد بن سليمان بن أبي المهاجر (ت: ٢٥٠ هـ)
هو حفيد فاتح افريقية المشهور: أبو المهاجر دينار، وأقدم من عرفنا من مؤرّخي افريقية. ويعتبر كتابه «فتوح افريقية» المصدر الأساسي لتاريخ الفتح العربي وهو معتمد المؤرخين في ذلك (١).
٢ - محمد بن سحنون (ت: ٢٥٦)
اشتهر ابن سحنون بالفقه والحديث. وكانت له مشاركة في سائر الفنون الأخرى وخاصة علم التاريخ والرجال.
وذكر ابن الجزار (٢) والقاضي عياض (٣) أن له في هذا الفن:
-كتاب طبقات العلماء. سبعة أجزاء.
-كتاب التاريخ. ستة أجزاء.
وقد أسند المالكي (٤) عن «كتاب الطبقات» وهو يعتبر أهم من نقل وأسند عنه.
_________
(١) الطبقات (ينظر: فهرس الأعلام).
(٢) العيون والحدائق ١٣: ٤.
(٣) ترتيب المدارك ٢٠٧: ٤.
(٤) الرياض ١٦٧، ١٣١: ١.
مقدمة / 13
٣ - أبو سهل فرات بن محمد العبدي (ت: ٢٩٢)
هو أحد كبار رواة الأخبار ونقلتها مع دراية بعلم الرجال ومعرفة بأحوال الأمم المتقدمة (٥). ويلمس من يتصفح مصادر التاريخ الافريقي-خاصة طبقات أبي العرب-غزارة المادة التاريخية المسندة عنه (٦) وتنوعها وأهميتها.
٤ - أبو العرب محمد بن أحمد بن تميم (ت: ٣٣٣)
مؤرخ ومحدّث ينهج نهج المحدّثين في كتابة التاريخ والتراجم. له عدة كتب تتعلق بتاريخ افريقية وطبقات رجالها، أشهرها: (٧) -طبقات رجال إفريقية. ونرجّح أنه المصدر الأساسي لكل من كتب في تراجم رجال إفريقية.
-عبّاد افريقية: وهو خاص بطبقة الزهاد ومن اشتهر بالعبادة من أهلها.
-طبقات علماء افريقية: وهو من أهم النصوص الواصلة إلينا (٨) ويختص بمن عرف عنه رواية في حديث أو فقه. ويبدو أنه توفي قبل إتمامه فأكمله بعده تلميذه محمد بن حارث الخشني.
-مناقب سحنون بن سعيد.
-كتاب ثقات الرجال وضعافهم. ويسميه ابن حجر (٩): «كتاب الضعفاء».
-كتاب المحن: وهو يختص بمن دارت عليه محنة من العلماء والصالحين وقد عثر عليه أخيرا (١٠).
-مناقب بني تميم. وهم قومه.
-كتاب التاريخ ويبدو أنه سلك فيه أسلوب الحوليات، ونهج فيه نهج المؤرخين
_________
(٥) المدارك ٤١١: ٤، المعالم ٢٤٩: ٢، البيان المغرب ١٣٩: ١.
(٦) الطبقات (ينظر فهرس الأعلام).
(٧) ترتيب المدارك ٣٢٤: ٥.
(٨) نشره المرحوم محمد ابن أبي شنب ضمن منشورات كلية الآداب بجامعة الجزائر سنة ١٣٣٢ - ١٩١٥ ثم نقله إلى الفرنسية ونشره في نفس السلسلة سنة ١٩٢٠.
(٩) لسان الميزان ٣٦: ٥، ١٢٧: ١.
(١٠) نشرته دار الغرب الاسلامي أخيرا في بيروت ١٤٠٣ - ١٩٨٣ بتحقيق د. يحيى وهيب الجبوري.
مقدمة / 14
المحدّثين (١١) مثل تاريخ خليفة بن خياط وتاريخ محمد بن جرير الطبري.
ونلاحظ أنا فصّلنا القول في مؤلفات أبي العرب التاريخية لكثرة نقول المؤرخين عنه.
٥ - أبو علي الحسين بن أبي سعيد عبد الرحمن بن عبيد البصري ويعرف بالوكيل
(كان حيّا سنة ٣٤٦)
كان أبوه من جلة المحدثين بالقيروان (١٢). وأخذ هو عن جلة علماء عصره كابن الوزان النحوي المشهور المتوفى سنة ٣٤٦ (١٣).
ويعتبر مؤلفه «الكتاب المعرب عن أخبار افريقية والمغرب» (١٤) من أهم المصادر التي تؤرّخ للحياة السياسية والأدبية والعلمية وجميع أوجه النشاط الفكري بافريقية.
وإنّا إذ نبدي أسفنا الشديد لضياع هذا الكتاب الجليل فإنه لا يخفف من لوعتنا إلا النتف اليسيرة-والهامة جدا-التي نجدها في طبقات اللغويين والنحويين (١٥) لأبي بكر الزبيدي المتوفى سنة ٣٧٩ وفي ترتيب المدارك (١٦) لعياض (ت ٥٤٤) ومثلها ما أورده ابن الأبار (ت ٦٥٨) في كتابيه: الحلة السيراء (١٧) وإعتاب الكتاب (١٨).
٦ - أبو عبد الله الحسين بن سعيد الخراط (كان حيا بعد ٣٥٠)
يفهم من نص للخشني أن أباه سعيد الخراط كان من فقهاء القيروان وكان جليسا لمحدث افريقية المعروف: مالك بن عيسى القفصي (ت ٣٠٥) وللخشني رواية عنه (١٩):
_________
(١١) الرياض ٥٧: ٢ تعليق رقم ١.
(١٢) طبقات الخشني ص ١٧٤ - ١٧٥.
(١٣) طبقات اللغويين والنحويين ص ٢٧١.
(١٤) ترتيب المدارك ٢٩: ١، رسالة ابن حزم في فضل الأندلس ص ٨.
(١٥) الراجح أن الزبيدي اقتبس منه ما أورده عن نحاة القيروان ولغوييها. (طبقات ص ٢٤٥ - ٢٧٢).
(١٦) ترتيب المدارك ٣١٥، ٣١٢، ٣١٠، ٢٩١، ٢٧٠، ٧٥، ٦٦: ٣.١١٩، ٢٩: ١، ٥.٣٦٦، ٣٥٥، ٣٥١، ٣٤٩، ٣٤٨، ٣٣٥، ٣٣٢، ٣١٣، ٨٥، ٥٢: ٤.٣٢٣: ١٢٣، ١٠٦، ٨٩، ٧٩.
(١٧) الحلة السيراء ٣٦٢، ٣٥٧، ٣٣٨، ٣٣٧: ٢.١٨٨، ١٨١، ٩٢، ٩١، ٦٦، ٥٠: ١.
(١٨) أعتاب الكتاب ص ١٠٧، ٨٤.
(١٩) طبقات الخشني ص ١٧٤.
مقدمة / 15
يعتبر المالكي هو المؤرّخ الوحيد الذي نقل مباشرة عن الخراط أخبارا تتصل بالفتح العربي كما نقل عنه أخبارا كثيرة تتصل بمناقب الصلحاء وأخبار العلماء (٢٠).
كما يفهم من نص نقله عنه المالكي يتعلّق بدخول أبي يزيد الخارجي القيروان واجتماع أهل القيروان للتداول في أمر الخروج معه ونصرته أنه حضر ذلك الاجتماع (٢١).
وبذلك أمكننا تحديد العصر الذي عاش فيه واعتباره من مؤرخي النصف الأول من القرن الرابع الهجري.
وللأسف لم نقف على اسم تأليفه هذا ولم يصرح به المالكي.
٧ - أبو عبد الله محمد بن حارث بن أسد الخشني (ت ٣٦١)
يعتبر ابن حارث أشهر المؤرخين الذين وصلنا إنتاجهم التاريخي الخاص بافريقية وهو يمتاز بسعة أفقه (٢٢) وخروجه عن أسلوب المحدثين في كتابة التاريخ. ومن أهم كتبه في مجال الدراسات الافريقية:
-تاريخ الأفارقة-أو الافريقيين-الذي نقل عنه عياض في المدارك (٢٣).
-طبقات علماء افريقية-وهو تكلمة لطبقات أبي العرب وهو مطبوع مشهور.
-كتاب الاقتباس.
-كتاب التعريف (٢٤).
٨ - أبو جعفر احمد بن ابراهيم بن أبي خالد المعروف بابن الجزار. (ت: ٣٦٩)
كان طبيبا مشهورا بالطب مع إلمام بسائر المعارف والثقافات السائدة في عصره.
وكانت له مشاركة في علم التاريخ وله فيه تآليف جيدة (٢٥).
وتعتبر كتبه الثلاثة:
١ - مغازي إفريقية.
_________
(٢٠) ينظر فهرس الأعلام في آخر الكتاب.
(٢١) الرياض ٣٠٩: ٢.
(٢٢) مقال الاستاذ الصادق مازيغ: معالم الدباغ وابن ناجي وأصولها القيروانية (مجلة الجامعة (١٩٣٧/ ١٣٥٦) ص ٨٤).
(٢٣) ترتيب المدارك ٣٠٩: ٤.
(٢٤) أحال عليهما الخشني في كتاب الطبقات ص ٢٣٧، ٢٣٣، ١٤٥، ١٣٦.
(٢٥) الورقات ٣٠٦: ١ - ٣٢٦.
مقدمة / 16
٢ - أخبار الدولة في تاريخ الدولة الفاطمية بالمغرب.
٣ - التعريف بصحيح التاريخ وضمنه جملة صالحة من أخبار علماء عصره.
مصدرا مهما لمن جاء بعده من المؤرخين، وخاصة كتابه الأخير (٢٦).
٩ - ابراهيم بن القاسم الرقيق الكاتب. كان حيا سنة ٤٢٥
هو أحد كتّاب الدولة الصنهاجية وشعرائها المجيدين، وأشهر مؤرّخي افريقية وعليه اعتمد من جاء بعده (٢٧).
وكتابه تاريخ افريقية والمغرب مشهور معروف، وللأسف لم تصلنا إلا قطعة يسيرة منه لم يؤكّد البحث العلمي الدقيق نسبتها إليه بعد (٢٨).
١٠ - أبو بكر عتيق بن خلف التجيبي (ت: ٤٢٢)
واذا ذكرنا التجيبي فإننا نذكر مؤرّخا كبيرا من مؤرّخي القيروان وافريقية المعتمدين لدى من جاء بعده من المؤرخين. أشهر مؤلفاته (٢٩):
١ - كتاب الطبقات.
٢ - كتاب «الافتخار بمناقب شيوخ القيروان وما تعلق بهم من تاريخ فقهاء الأمصار» ابتدأ فيه من سنة ١٦١ وانتهى إلى سنة ٤٠٧.
وهذا الكتاب الأخير هو المشهور عند المؤرّخين ومنه عدة نقول في صلة السمط (٣٠) وتكلمة الصلة (٣١) والحلة السيراء (٣٢).
_________
(٢٦) ينظر العيون والحدائق الجزء الرابع (مقدمة الاستاذ عمر السعيدي ص ٢٣ - ٢٤). والغريب أن الأستاذ السعيدي أرّخ وفاة ابن الجزار سنة ٣٩٥ وكأنه لم يبلغه تصحيح المرحوم ح. ح. عبد الوهاب في الورقات بل أن الأستاذ السعيدي لم يذكر الفصل الذي كتبه المرحوم عبد الوهاب عن ابن الجزار ضمن مصادره وهو أهم ما كتب عنه بينما نراه يشير إلى التافه من دراسات المستشرقين.
(٢٧) مقدمة ابن خلدون ص ٤ والورقات ٤٤٣: ٢ - ٤٤٤.
(٢٨) نشرة السقطى بتحقيق د. منجي الكعبي تونس.١٩٦٨.
(٢٩) معالم الايمان ١٥٨: ٣.
(٣٠) صلة السمط ١٢٥: ٤ و، ١٢٧ ظ.
(٣١) تكملة الصلة ٩٨، ٩٦، ١١: ١.
(٣٢) الحلة السيراء ٢٦٦: ١.
مقدمة / 17
١١ - أبو عبد الله الحسين بن أبي العبّاس الأجدابي (ت: ٤٣٢)
وصفه عياض (٣٣) بسعة الرواية وعده في أصحاب القابسي وابن أبي زيد. ونسب له رحلة إلى المشرق ورواية عن بعض أعلامه.
أسند عنه المالكي في الرياض (٣٤) مجموعة هامة من الأخبار مما يدل على عنايته بأخبار الصلحاء والعلماء بافريقية.
له تآليف تختص بتعداد مناقب مجموعة من كبار صلحاء وفقهاء القيروان:
١ - مناقب ربيع القطان.
٢ - مناقب أبي الفضل الممسي.
٣ - مناقب أبي اسحاق السبائي.
٤ - مناقب أبي مروان عبد الملك بن نصر.
وقد جاءت تراجم الأعلام الثلاثة الأول في كتاب الرياض (٣٥) من أوفى التراجم وأطولها وأثراها مما يبرز أثر تآليف الأجدابي في تلميذه المالكي.
١٢ - أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد اللبيدي (ت: ٤٤٠)
يعتبر اللبيدي خاتمة علماء القيروان وفقهائها المحققين له تآليف في تأصيل الفقه المالكي وتفريعه. واشتهر بصحبة الصالحين والعبّاد (٣٦)، وخاصة الشيخ أبا اسحاق الجبنياني مما حمله على وضع كتاب في سيرته ومناقبه.
وهو كتاب جمع فيه مؤلفه أخبارا مهمة عن عبّاد افريقية من طبقة أبي اسحاق الجبنياني ومشايخه وتلاميذه، مع ما اتصل بذلك من أخبار بقية عبّاد افريقية وصلحائها (٣٧).
١٣ - أبو عبد الله محمد بن شرف القيرواني (ت: ٤٦٠)
اشتهر ابن شرف كأديب وشاعر وناقد ازدان به بلاط المعزّ بن باديس فترة طويلة
_________
(٣٣) ترتيب المدارك ١٠١، ١٠٠: ٧.
(٣٤) الرياض (ينظر: فهرس الأعلام).
(٣٥) الرياض ٢٩٢: ٢ - ٣٢٣، ٣٠٥ - ٤٦٩، ٣٤٦ - ٥٠٧.
(٣٦) المعالم ٢١٧: ٣ - ٢١٨.
(٣٧) نشره الاستاذ هـ.ر. ادريس مع مناقب محرز ابن خلف ضمن منشورات كلية الآداب بجامعة الجزائر سنة ١٩٥٩ مع ترجمة فرنسية.
مقدمة / 18
من الزمن. وبعد خراب القيروان انتقل الى صقلية ومنها عبر إلى الأندلس، فتهافت عليه ملوك طوائفها، فاستقر بالمرية عند صاحبها المعتصم بن صمادح التجيبي إلى أن توفي (٣٨).
-له ذيل على تاريخ افريقية والمغرب للرقيق نقل عنه الدبّاغ في المعالم والتجاني في الرحلة (٣٩) وابن عذارى في البيان المغرب (٤٠).
وهنا ينتهى بنا المطاف إلى مؤلف الرياض.
١٤ - أبو بكر عبد الله بن أبي عبد الله محمد بن عبد الله المالكي:
قبل الحديث عن أبي بكر لا بدّ لنا من كلمة وجيزة عن والده أبي عبد الله محمد (٤١).
وخلاصة القول في شأنه انه فقيه ومحدث ومؤرّخ. أخذ عن علماء بلده واختص بصحبة أبي الحسن القابسي وخدمته الى حين وفاته سنة ٤٠٣ فرحل الى المشرق ولقي بمكة أبا ذر الهروي ورجع إلى بلده سنة ٤٠٨.
وكان يلقب بالشافعي فغيره شيخه القابسي ودعاه ب «المالكي» فعرف به واشتهر ونسي لقبه الأول.
أرّخ الدباغ وفاته سنة ٤٤٤ (٤٢) وعارضه ابن ناجي بالنقل عمن لم يسم من المؤرخين: انه توفي ليلة الجمعة ٢٨ شعبان سنة ٤٣٨ ثم دعمه بنقل ما جاء على نقيشة قبره. وهي توافق-حرفيا-نص الرواية التاريخية.
_________
(٣٨) ح. ح. عبد الوهاب: مقدمة مسائل الانتقاد.
(٣٩) رحلة التجاني ص ٨٣، ٣٢.
(٤٠) البيان المغرب ٢٧٧: ١ - ٢٨٨، ٢٨٠ - ٢٩٢.
(٤١) معالم الايمان ٢١٥: ٣ - ٢١٧.
(٤٢) تصحف هذا الرقم في طبعة المعالم الأولى (٢١٦: ٣) إلى «أربع وتسعين وأربعمائة» وما أثبتناه عن الطبعة الجديدة (١٧٤: ٣) وعن نسختنا الخطية (٧٨: ٢ و) وهو ما جعل الأستاذ مؤنس وغيره من الباحثين يفترضون أن الدباغ أخطأ فأرّخ وفاة الأب بتاريخ وفاة ابنه. وأضاف شيخنا المرحوم ح. ح. عبد الوهاب إلى ذلك افتراضا ثانيا وهو حدوث تصحيف في الرقم «تسعين» وأن صوابه «سبعين» ثم جعله تاريخا لوفاة الابن «أبي بكر».وبعد التصحيح المشار إليه أصبحت هذه الافتراضات كلها غير ذات موضوع.
مقدمة / 19
وبرز اهتمام أبي عبد الله بالتاريخ والتأليف من خلال تأليفه لكتابين في المناقب.
١ - مناقب أبي الحسن القابسي. نقل عنه الدباغ في ترجمة القابسي (٤٣).
٢ - مناقب محرز بن خلف المتوفى سنة ٤١٣.
ويجدر بنا هنا أن نلاحظ اقتفاء الابن أثر أبيه واتباعه لطريقه ومحاولته التوسّع والاستيعاب في هذا الاقتفاء.
وبعد هذا ننتقل للتعريف بابنه مؤلف الكتاب (٤٤).
المستخلص من أخباره انه ولد في العقد الأول من القرن الخامس الهجري. روى عن علماء عصره وخاصة أبا عبد الله الحسين بن أبي العبّاس الأجدابي وأخويه أبا محمد الحسن وأبا الحسن علي.
كما نصّ الدباغ أنه روى عن أبي بكر أحمد بن عبد الرحمن الخولاني المتوفى سنة ٤٣٥ وانه من خاصته وهو قارئ حلقته بين يديه. كما كانت له رواية عن أبي عبد الله محمد بن عباس الخواص الأنصاري المتوفى سنة ٤٢٨ (٤٥).
ويستفاد من نص جاء في ثنايا الرياض (٤٦) أنه أقام مدة في صقلية ودرس بها.
أمّا الآخذون عنه فقد وقفنا على شخصين أحدهما من جلّة علماء الاسلام في المغرب وهو الامام محمد بن علي المازري المحدّث والفقيه المشهور المتوفي سنة ٥٣٦،
_________
(٤٣) معالم الايمان ١٧٣، ١٤٣: ٣.
(٤٤) لا نعرف لأبي بكر المالكي غير ترجمة موجزة في المعالم ٢٣٦: ٣، وجاءت عنه إشارات في المصادر التالية: أخبار عن بعض مسلمي صقلية من «معجم السفر» ص ٨٤، المعيار المغرب ٣٦٣: ١١، الاعلان بالتوبيخ ص ٣٣٠، ٢٧٣، ٢٧١، ٢٥٠، ٢٠٤، ١٩٤.
وجاءت عنه نبذ يسيرة في المراجع الحديثة، أهمها: شجرة النور الزكية ص ١٠٨.ح. ح. عبد الوهاب الإمام المازري ص ٧٩ (هامش ٢). مازيغ: معالم الدباغ وابن ناجي وأصولها القيروانية (مجلة الجامعة ١٩٣٧/ ١٣٥٦ ص ٨٤) بروكلمان: تاريخ الأدب العربي ٢٧: ٤، دوسلان: فهرس المخطوطات العربية بالمكتبة الوطنية بباريس ص ٣٨١، فهرس المتحف البريطاني ص ٧٣٢، فهرس دار الكتب المصرية ٢١٠: ٥، فهرس المخطوطات بدار الكتب المصرية ٤٤٦: ١.سزكين: تاريخ التراث العربي ٥٨٤: ١، فهرس المخطوطات المصورة بمعهد المخطوطات ج ٢ ق ٧٧: ٢ - ٧٨.الزركلي: الاعلام ٢٦٦: ٤، كحالة: معجم المؤلفين ١٢٩: ٦.
(٤٥) المعالم ١٦٩: ٣.
(٤٦) الرياض ١٩٨: ٢.
مقدمة / 20
فقد أسند المازري في إحدى فتاويه عن أبي بكر المالكي نصّا مهمّا-نجده بنصه في كتاب «الرياض» -وألحق اسم المالكي بعبارات الثناء عليه والاعتراف بفضله، وهذا نصّه: «وعن الشيخ أبي بكر المالكي-وقد شاهدنا من فضله ودينه وجلاله وعلمه بالأخبار ما يحصل الثقة في أنفسنا بما يحكيه» (٤٧).
أما الثاني-وهو صقلّي أيضا، لقيه بإفريقية وأخذ عنه-فهو أبو البهاء عبد الكريم بن عبد الله بن محمد المقرئ الصقلي المولود بصقلية سنة ٤٤٠ والمتوفى بالاسكندرية سنة ٥١٧ (٤٨).
أما عن وفاة المالكي، فان ابن ناجي (٤٩) يفيدنا أن أبا بكر المالكي كان من جملة العلماء الذين أقاموا بالقيروان بعد تخريبها من طرف الأعراب، وهذا يعني أنه توفي بعد سنة ٤٤٩.
والحقيقة أن لنا في رواية أبي البهاء عبد الكريم بن عبد الله المقرئ الصقلي عن أبي بكر المالكي ما يحملنا على القول بأنه توفي بعد سنة ٤٦٠ إذ يبعد أن يرحل عبد الكريم المذكور عن بلده قبل سن العشرين.
واذا أضفنا الى هذا ما جاء في تعليق المؤلف على فتح صقلية ودخولها للحضيرة الاسلامية بقيادة أسد بن الفرات وهو قوله (٥٠): «ثم شاء الله، بذنوب أهلها، أن أوقع بهم عدوهم، نسأل الله تعالى حلمه وأمانه وعافيته لمن بقي بها من المسلمين وارتداد الكرة لهم على عدوهم».
ندرك أن هذا الكلام قد كتبه المؤلف بعد زوال الحكم العربي الاسلامي عن صقلية واستيلاء النرمان على كامل الجزيرة وبقاء جالية كبيرة من المسلمين تحت حكمهم، يعني بعد سنة ٤٨٤ هـ (١٠٩١ م) أو على الأقل بعد سقوط الجزء الأكبر والأهم منها سنة ٤٦٤ هـ (١٠٧٢ م) (٥١).
_________
(٤٧) المعيار المغرب ٣٦٣: ١١ وح. ح. عبد الوهاب: الإمام المازري ص ٧٩ - ٨٠.
(٤٨) أخبار عن بعض مسلمي صقلية من «معجم السفر» ص ٨٢ - ٨٦.
(٤٩) المعالم ١٦٩: ٣.
(٥٠) الرياض ٢٧٣: ١.
(٥١) تاريخ صقلية الاسلامية ص ٦١ - ٦٢.
مقدمة / 21
ولا يفوتنا أن نلاحظ أن شيخنا المرحوم ح. ح. عبد الوهاب (٥٢) قد أرّخ وفاة المالكي سنة ٤٧٤ وهو مقبول بناء على ما قدمنا ولكنه-﵀-لم يذكر مستنده، ولا نظنه إلاّ متأولا ما جاء في مطبوعة المعالم من تاريخ وفاة أبيه «أبي عبد الله محمد» سنة ٤٩٤.
ويبدو أن شيخنا-﵀-قد تأول أمرين:
١ - ان هذا التاريخ «سنة ٤٩٤» هو تاريخ وفاة الابن وليس تاريخ وفاة الأب.
٢ - ان هذا التاريخ تصحف فيه اللفظ من «سبعين» الى «تسعين».
ونلاحظ أننا قد رددنا هذا من أصله فيما تقدم بناء على ما توفّر لنا من مصادر ومعطيات جديدة (٥٣).
الكتاب
أجمعت المصادر أن اسمه هو «رياض النفوس» كما أنها أجمعت أن مؤلفه هو «أبو بكر عبد الله بن محمد المالكي» وهو ما يدل عليه بوضوح تدخل المؤلف في عدة مواضع من كتابه وذلك كقوله (ص ٤٣): «قال مؤلف الكتاب أبو بكر عبد الله بن محمد المالكي» وفي (ص ١١٧): «قال أبو بكر عبد الله المؤلف».وفي (ص ٢٠٠): «قال أبو بكر».وفي (ص ٢٩٨): «قال الشيخ أبو بكر عبد الله المالكي» وفي (ص ٧٦) و(ص ١٥١): «قال عبد الله».
ويبدو انه قد عدل عن هذه الطريقة في أواخر الجزء الأول وبقية الجزء الثاني وأصبح يرمز إلى اسمه بالحرف الأول منه «ع».
اننا على عكس من تقدمنا من الدارسين لا نجد في الكتاب أثرا ماديا لوالده، لهذا نجزم بأن الكتاب-في صورته الواصلة إلينا-هو من تأليف أبي بكر المالكي وحده مع القول بأنه استفاد من روايات والده وان لم ينصّ عليها.
أما تاريخ تأليف الكتاب فنعتبر أنفسنا قد فرغنا منه لما فصّلنا القول في تحديد عمر
_________
(٥٢) الإمام المازري ص ٧٩.
(٥٣) ينظر تعليقنا رقم ٤٢.
مقدمة / 22
المؤلف حيث أكّدنا أن تأليفه قد تم بعد استيلاء النرمان على كامل جزيرة صقلية سنة ٤٨٤ هـ (١٠٩١ م) أو بعد الاستيلاء على الجزء الأكبر والأهمّ منها سنة ٤٦٤ هـ (١٠٧٢ م) أي إن تأليف الكتاب قد تم بعد هذا التاريخ الأخير على أي حال.
مصادر الكتاب
اعتمد المالكي أنواعا متعددة من المصادر، نفصّلها كما يلي:
أ) مصادر تاريخية وحديثية وفقهية معروفة ذكرها المؤلف باسمائها:
-تاريخ سعيد بن عفير المؤرّخ المصري (ت ٢٢٦) (٥٤).
-تاريخ خليفة بن خياط، ويعرف بشباب العصفري (ت ٢٤٠) (٥٥).
-كتاب الطبقات لمحمد بن سحنون (ت ٢٥٦) (٥٦).
-تاريخ أبي سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى الصدفي (ت ٣٤٧) (٥٧).
-موطأ مالك (٥٨).
-موطأ ابن وهب (٥٩).
-جامع ابن وهب (٦٠).
-الجامع الصحيح للبخاري (٦١).
-الجامع الصحيح لمسلم (٦٢).
-سنن أبي داود (٦٣).
_________
(٥٤) الرياض ١٩: ١.
(٥٥) الرياض ١٨: ١.
(٥٦) الرياض ١٦٧، ١٣١: ١.
(٥٧) الرياض ١٤٦، ١٣١: ١.
(٥٨) الرياض ١٤٥، ١٣٠، ١٢٤، ١٢٣، ٧٧، ٧٦: ١.
(٥٩) الرياض ١٥١، ١٢٤: ١.
(٦٠) الرياض ١٤٤، ١٢١، ١٠٢، ٧٤: ١.
(٦١) الرياض ٨٣، ٦٣: ١.
(٦٢) الرياض ١٣٠: ١.
(٦٣) الرياض ١٣٠: ١.
مقدمة / 23
-سنن أبي عبد الرحمن النسائي (٦٤).
-مسند أبي عبد الله محمد بن سنجر الجرجاني (٦٥).
-كتاب الجزية لابن الجهم (٦٦).
-مدونة سحنون بن سعيد (٦٧).
-فوائد أبي العلاء الكوفي (٦٨).
-مجالس سليمان بن سالم (٦٩).
-الملخص لأبي الحسن القابسي (٧٠).
ب) مصادر استخدمها المؤلف ولم ينص على أسمائها واكتفى بذكر مؤلفيها، ومن هذا النوع ما أسنده عن جماعة من المؤلفين.
-الواقدي (محمد بن عمر) (٧١).
-ابن قتيبة (أبو محمد عبد الله بن مسلم) (٧٢).
-أبو اسحاق بن شعبان القرطي (٧٣).
-محمد بن حارث الخشني (٧٤).
-أبو القاسم الجوهري (٧٥).
_________
(٦٤) الرياض ١٣٠، ١١٥: ١.
(٦٥) الرياض ٨٥، ٨٣، ٨١، ٨٠، ٧٨: ١.
(٦٦) الرياض ٢٠١: ١.
(٦٧) الرياض ١٦٧، ١٢٤، ١٢١، ١١٩: ١.
(٦٨) الرياض ٨٩: ١.
(٦٩) الرياض ٣٣٨، ١٩٩: ١.
(٧٠) الرياض ٧٧: ١.
(٧١) ينظر الرياض ٧٦، ١٩، ١٦: ١ ولعله من كتاب «فتوح إفريقية» لابن أبي المهاجر الذي لم يصلنا ولا نعرف عنه إلا ما أسنده عنه أبو العرب (الطبقات فهرس الاعلام).
(٧٢) الرياض ٦٥، ٦١: ١ وينظر تعليقنا رقم ٢ حيث تعرفنا على مصدر المالكي وهو كتاب «المعارف».
(٧٣) الرياض ٢٧٤، ٢٣١، ١٢٣: ١ ولعله من كتابه «الرواة عن مالك» المدارك ١٣: ١.
(٧٤) الرياض (ينظر فهرس الاعلام) وتقديمنا فقرة ٧.
(٧٥) الرياض ١٤٨، ١٢٣: ١.
مقدمة / 24
-أبو الحسن بن فهر (٧٦).
-حمزة بن محمد الكناني (٧٧).
-أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد الصقلي (٧٨).
-أبو بكر عتيق بن خلف التجيبي (٧٩).
-أبو عبد الله الحسين بن أبي العباس الأجدابي (٨٠).
-أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد اللبيدي (٨١).
ومن هذا النوع ما أسنده المالكي عن مؤلفين وأشار إلى اعتماد مؤلفات أو وثائق وقعت له بخطوط أيديهم.
-ربيع القطان (٨٢).
-أبو الحسن على بن عبد الله القطان المعروف بابن الخلاف (٨٣).
-أبو العرب: محمد بن أحمد بن تميم (٨٤).
-أبو محمد سعيد بن حكمون.
وقريب من هذا النوع ما استخدمه المؤلف من وثائق وقعت بين يديه بخطوط بعض الفقهاء والمتعبدين وتمثله مواعظ نثرية بليغة بخط محمود المتعبد بالمنستير (٨٥) وأبي زكريا محمد بن أحمد بن يحيى بن مهران (٨٦).
_________
(٧٦) الرياض ٢٤٠: ١ وأشهر تآليفه «فضائل مالك» وهو يعد من معاصري المالكي إذ كان حيا سنة ٤٤٠، حسن المحاضرة ٤٥٢: ١، ترتيب المدارك ٩: ١.
(٧٧) الرياض ٩٢: ١.
(٧٨) الرياض ٥٠٣، ٤٥١، ٣٣٢: ٢.
(٧٩) الرياض ٤٤٠، ٤٢٣، ٤١٨: ١.
(٨٠) الرياض: ينظر فهرس الأعلام.
(٨١) الرياض: ينظر فهرس الأعلام.
(٨٢) الرياض ٢٠٤، ١٣٤، ١٣٣: ٢.
(٨٣) الرياض ٤٢٤، ٣٨٦: ١.
(٨٤) الرياض ٨٢: ١.
(٨٥) الرياض ١٦٦: ١.
(٨٦) الرياض ٣٤١: ١.
مقدمة / 25
ج) مصادر شفوية استقاها المؤلف مباشرة عن شيوخه ومعاصريه.
-أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الخولاني (٨٧).
-أبو محمد الحسن بن أبي العباس الأجدابي (٨٨).
-أبو الحسن علي بن أبي العباس الأجدابي (٨٩).
-أبو محمد بن الكراني الباجي الفقيه (٩٠).
أما ما أسنده المؤلف عن أبي الحسن القابسي فالراجح انه ليس مباشرة وانما رواه بواسطة أبيه أو أحد شيوخه.
د) وهناك مصادر أخرى استقى منها المؤلف ولم ينص عليها ولم يسند النقل عن مؤلفيها إلاّ أن الدارس يتفطن إليها بالمقارنة، منها:
-نسب قريش لمصعب الزبيري (٩١).
-تاريخ افريقية والمغرب للرقيق القيرواني (٩٢).
رواية الكتاب وانتقاله إلى الأمصار الاسلامية واعتماد المؤلفين له في كتاباتهم عن
أعلام الأفارقة:
نظرا للمادة الغزيرة التي احتواها كتاب «رياض النفوس» فقد أقبل طلبة العلم على روايته ودراسته. ولعل أقدم من وقفنا عليه من العلماء الذين تلقوه مباشرة عن مؤلفه هو الامام الشهير محمد بن علي المازري المتوفى سنة ٥٣٦ (٩٣).
_________
(٨٧) الرياض: فهرس الأعلام.
(٨٨) الرياض ٤٦٤، ٤٥١، ٢٢٩: ٢.
(٨٩) الرياض ٢٧٣: ٢.
(٩٠) نفسه ١٦٨: ٢.
(٩١) الرياض ٢٣: ١.
(٩٢) الرياض ١٥٤: ١ - ١٥٨.
(٩٣) المعيار المغرب ٣٦٣: ١١، حيث نجد النص الذي أسنده عن المالكي بنصّه في الرياض ٤٩٧: ١ ويراجع الإمام المازري للمرحوم ح. ح. عبد الوهاب ص ٧٨ - ٨٠، (هامش ٢) فإلى شيخنا -رحمة الله عليه-يرجع الفضل في اطلاعنا على هذا النص.
مقدمة / 26