وربما نجد أن شاعرنا واحدا من القلائل من الشعراء العمانيين الذين كانوا يلتزمون بالوحدة الموضوعية في البيت @لا في القصيدة كلها وما نراه حقا واضحا هو أنه لا يطوع القافية لخدمته في كثير من شعره بل إنها في أغلبه تأتي طوعا دون تكلف كما لا تنفي وجود هذا التكلف ولي عنق القافية في بعض أبياته.
ولقد رأينا أن نضعكم في بستان أدب شاعرنا الفذ لتقتطفوا منه ما لذ وطاب من رائق الزهر،وناظر الحسن والثمر فلم نتكلف في صياغة ديباجة شعره ولا تطريزا لفنه وأدبه ولا تأنيقا لصوته وتشكيلته بل نثرناه نثرا كحبات المطر الندي على أوراق الشجر به كل شيء غثه وسمينه ورائقه وذائقه،فلتأت معي أخي القارئ إلى دوحة الأدب كي تستمع قليلا إلى ألحان شاعر فزارة وترنيماته الخاص على قيتارة الفن الجميل .
قال:
أرقت لذكرى منزل ... وحبيب ... وعهد ... بأيام الوصال قريب (¬1)
وهاج لي التذكار وجدا ... لهيبه ... لدى ... حره استبردت كل لهيب (¬2)
يزيد إذا هب النسيم ... تحرقي ... ويكثر ... مع ضحك الوميض نحيبي (¬3)
براني الهوى حتى رثاني ... حاسدي ... ومل حياتي ... عايدي وطبيبي (¬4)
¬__________
(¬1) - أرقت أي أصابني الأرق فلم أنم ،وسببه تذكاري لمنزل كان يضم الحبيب وعهد قديم بيننا.
(¬2) - التذكار: على وزن تفعال وهي صيغة مبالغة. ونار الشوق في صدر شاعرنا انسته كل لهيب غيره فوجد كل لهيب غيره لا شيء.
(¬3) - تحرقي على وزن تفعل وهي صيغة مبالغة ،وتحرق فاعل يزيد وجملة إذا هب النسيم اعتراضية وهنا نوع من المشاكلة، ففي الشطر الأول مع هبوب النسيم وهو علامة البرد فغن حرقته تزيد، وفي الشطر الآخر المشاكلة بين الضحك والنحيب فمع كل ضحكة للوميض زاد تحبب شاعرنا، وهو من أبياته الرائعة.
(¬4) - عايدي: أي زائري وسمي بذلك لأنه يعود عليه أكثر من مرة،وإنما خص في بيته هذين الصديقين لأنهما أكثر المترددين عليه وعلى أي مريض وإذا حله طبيبه، وعايده صلة الباقون.
صفحہ 6