أما «أرسطو» فقد قال: «إن هناك دافعا داخليا يشكل كل شيء»، ومن هذا الرأي «برجسون» و«وليم جيمس» «في مذهب الذرائع».
ويضاف لذلك «أفلاطون» و«كانت» و«لينتتر» و«شوبنهاور»، ومن علماء التطور «لامارك »، ومن الأدباء «جيته» و«كاريسل» و«نيتشه»، وتلخص آراؤهم في أنها تخضع الأشياء للفكرة والمادة للعقل، بينما المذهب الثاني: المبدأ الذي يدين بأن الوسط هو كل شيء، يحول الفكر إلى «شيء» و«العقل
mind » إلى مادة، ومن أقطاب هذا المذهب والمبشرين به «ديموقريطس» و«أبيقور» و«هوبز» و«سيبنوزا» و«داروين» أخيرا، ثم «سبنسر» ثم «واتسن» صاحب المذهب السلوكي.
ولا بد أن أذكر أنه لا تزال تذكر في كتب علم النفس الحديثة، الحديثة جدا، مذاهب تقسيم الأخلاق حسب المزاج؛ حزين وغضبي ودموي وبلغمي.
ولا نزال نذكر التقسيم إلى فكري وعاطفي وإرادي، ولكن هذا أصبح قديما جدا.
ولكن المذهب الذي يأخذ به المحدثون اليوم يميل إلى الرأي الأول، ولكنه يعترف بوجود اتجاهات ورغبات ودوافع موروثة، وفي ذات الوقت يعترف بأهمية الوسط، يعترف بها اعترافا جديا، ولكنه يبدأ من الناحية الأولى في شرح مسألة الأخلاق، وعلى ذلك يبدأ بمسألة الدوافع، ويقسم كل دافع إلى ثلاثة أقسام، ينقسم كل منها إلى قسمين: سالب وموجب، أما الثلاثة الأقسام فهي متداخلة ولا يستطاع فصل الواحد منها عن الآخر، وهي: الغريزة والعادة والشعور. ونحن نولد بخمس غرائز أساسية يمكن ضربها في اثنين ما دمنا نجد لكل غريزة وجهين. الغرائز هي: البحث عن الطعام، والقتال، والعمل، والاجتماع، والتناسل.
فالبحث عن الطعام سلبيته التقشف، والقتال سلبيته الهرب، والعمل سلبيته الخمول والنوم، والتناسل سلبيته الامتناع عن الأنثى.
والعادة المصاحبة للجري وراء الطعام، إما الصيد والقنص «إيجابي»، وإما انتظار الطعام وغسل اليدين «سلبي»، والشعور المصاحب هو الجوع، أو ضده وهو العزوف عن الطعام.
ويمكن الاطلاع على التفصيل لهذا في كتب علم النفس.
ولكنني أريد أن أخلص من هذا إلى أن هذه هي الخطوط الرئيسية للخلق الإنساني، وعلى الجنس والعنصر والوراثة أن تحدد بعض هذه الخطوط، ولكن على الوسط ومؤثراته وحده تحديد الباقي، فالشعر الشائع مثلا مشهور.
نامعلوم صفحہ