جميع موارده يشهد أنه من الفصاحة في ذروتها العليا. وقوله ضيف إبراهيم المكرمين متضمن لثنائه على خليله إبراهيم فإن في المكرمين قولين.
أحدهما: إكرام إبراهيم لهم ففيه مدح إبراهيم بإكرام الضيف.
والثاني: انهم مكرمون عند الله كقوله تعالى: ﴿بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ﴾ وهو متضمن أيضًا لتعظيم خليله ومدحه، إذ جعل ملائكته المكرمين أضيافًا له، فعلى كلا التقديرين فيه مدح لإبراهيم. وقوله: ﴿فَقَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ﴾ متضمن بمدح آخر لإبراهيم حيث رد ﵈ أحسن مما حيوه به، فإن تحيتهم باسم منصوب متضمن لجملة فعلية تقديره: سلمنا عليك سلامًا. وتحية إبراهيم لهم باسم مرفوع متضمن لجملة اسمية تقديره سلام دائم أو ثابت أو مستقر عليكم، ولا ريب أن الجملة الاسمية تقتضي الثبوت واللزوم والفعلية تقتضي التجدد والحدوث فكانت تحية إبراهيم أكمل واحسن. ثم قال ﴿قَوْمٌ مُنْكَرُونَ﴾ وفي هذا من حسن مخاطبة الضيف والتذمم منه وجهان في المدح.
إحداهما: أنه حذف المبتدأ والتقدير: انتم قوم منكرون، فتذمم منهم ولم يواجههم بهذا الخطاب لما فيه من الاستيحاش.
1 / 66