فإنه لما كان المقصود بهذا القسم نفي ما قاله الكفار في القرآن: من أنه شعر أو كهانه أو أساطير الأولين، صدر القول بأداة النفي ثم اثبت له ما قالوه. فتضمنت الآية أن ليس الأمر كما يزعمون ولكنه قرآن كريم.
ولهذا صرح بالأمرين: النفي والإثبات مثل قوله تعالى: ﴿فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ، ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ، مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ، وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ، وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ، وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ، وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ﴾، وكذلك قوله: ﴿لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ أَيَحْسَبُ الأِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ﴾ .
والمقصود: أن افتتاح هذا القسم بأداة النفي يقتضي تقوية المقسم عليه وتأكيده وشدة انتفائه.
وثانيها: تأكيده بنفس القسم.
وثالثها: تأكيده بالمقسم به، وهو إقسامه بنفسه لا بشيء من مخلوقاته، وهو سبحانه يقسم بنفسه تارة وبمخلوقاته تارة.
ورابعها: تأكيده بانتفاء الحرج وهو وجود التسليم.
1 / 28