رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب
رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب
تحقیق کنندہ
عبد الله شاكر محمد الجنيدي
ناشر
عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة المنورة
ایڈیشن نمبر
١٤١٣هـ
پبلشر کا مقام
المملكة العربية السعودية
اصناف
عقائد و مذاہب
تلقيبًا أو كذبًا، فإذا كان الله ﷿ موصوفًا بجميع هذه الأوصاف في صفة الحقيقة وجب إثبات الصفات التي أوجبت هذه الأوصاف له في الحقيقة، وإلا كان وصفه بذلك مجازًا١ كما وصف الجدار بأنه يريد، لما لم يكن له إرادة مجازًا ويبين هذا أن وصف الإنسان بأنه مريد وسارق وظالم مشتق من الإرادة والسرقة والظلم، وكذلك وصفه بأنه أسود مشتق من السواد، فإذا وصف بذلك من ليس له هذه الصفات في الحقيقة كان وصفه بذلك تلقيبًا٢، ألا ترى أن من سمت العرب من أولادها بذلك لم يستحق الذم، لأن تسميته بذلك لا يقتضي إثبات هذه الصفات، وإنما وضعوا ذلك لهم تلقيبًا، كما يلقبونهم بزيد وعمرو، وعلى مثل هذا (جاء) ٣ السمع في تسمية الجدار بأنه يريد، لما لم يكن له إرادة، وإذا كان وصف الباري ﷿ بسائر ما ذكرناه من كونه ﷿ حيًا وقادرًا وعالمًا ومتكلمًا ومريدًا وسميعًا وبصيرًا في الحقيقة دون المجاز والتلقيب، وجب إثبات هذه الصفات التي اشتق له ﷿ الأوصاف من أخص أسمائها، وقد أوضح ذلك بقوله ﷿: ﴿ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ ٤، وقال: ﴿أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ﴾ ٥، وقال٦: ﴿وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ﴾ ٧ ولا يجب٨ إذا أثبتنا هذه الصفات له ﷿ على ما دلت العقول واللغة والقرآن والإجماع عليها أن تكون محدثة، لأنه تعالى لم يزل موصوفًا بها، ولا يجب أن تكون أعراضًا؛ لأنه ﷿ ليس بجسم، وإنما توجد الأعراض في الأجسام٩،
_________
١ في الأصل توجد كلمة "قال" قبل "وصف" وليست موجودة في (ت)، ولعلها مصحفة من كلمة "كان"، وكلمة "مجازًا" الواردة في نهاية العبارة خبرها.
٢ تلقيبًا يعني: علمًا على المسمى باللقب.
٣ ما بين المعقوفتين ليس من المخطوطتين، والسياق يقتضيه.
٤ سورة الذاريات آية: (٥٨) .
٥ سورة النساء آية: (١٦٦) .
٦ ساقطة من (ت) .
٧ سورة البقرة آية: (٢٥٥) .
٨ في الأصل: "ولا يجب أن إذا"، و"أن" هنا زائدة لا معنى لها وهي غير واضحة.
٩ في (ت): "الأجساد"، وأحب أن أنبه هنا على أمر هام جدًا، وهو أن السلف كانوا لا يطلقون هذا اللفظ على الذات الإلهية لا بنفي ولا بإثبات، بل ذموا من فعل ذلك. قال ابن تيمية عنهم: "وأما لفظ الجسم والجوهر والمتحيز والمركب والمنقسم، فلا يوجد له ذكر في كلام أحد من السلف، كما لا يوجد له ذكر في الكتاب والسنة لا بنفي ولا بإثبات، إلا بالإنكار على الخائضين في ذلك النفاة الذين نفوا ما جاءت به النصوص، والمشبهة الذين ردوا ما نفته النصوص، كما ذكرنا أن أول من تكلم بالجسم نفيًا وإثباتًا هم طوائف من الشيعة المعتزلة، وهم من أهل الكلام الذين كان السلف يطعنون عليهم". (انظر بيان تلبيس الجهمية ١/٥٤، ومجموع الفتاوى ٧/١٠٢)، وبهذا يظهر أن إطلاق هذه الألفاظ على الذات الإلهية من البدع المحدثة، وهذه الألفاظ من آثار الاعتزال والكلابية التي كان عليها الأشعري.
1 / 123