وبناء على هذا يمكن وضع بعض التعريفات، فانتهاك القانون هو إضرار أحد المواطنين، عمدا أو عن غير عمد، بمواطن آخر؛ أي إنه يتم بين الأفراد لا بين الدولة والأفراد، فالدولة ممثلة لسلطة الجميع، وإذا خرجت الدولة على الدستور فإنها تخرج عن تمثيلها لحقوق الآخرين، أما العدالة فهي إعطاء كل ذي حق حقه طبقا للقانون الوضعي ويكون الظلم هو رفض إعطاء الحق أهله. وجريمة الطعن في السيادة لا يقوم بها إلا الرعايا نظرا للعقد الذي فوضوا به سلطتهم إلى الدولة، وتقع الجريمة عندما يحاول أحد الرعايا الاستيلاء على السلطة أو تفويض السلطة إلى فرد آخر في ظروف معينة.
100
والحلف هو تعهد إحدى الدولتين بعدم إلحاق الضرر بالدولة الأخرى وبمساعدتها عند الحاجة، ولكن تبقى كل دولة حرة مستقلة، ويبقى الحلف طالما بقيت المصلحة الداعية له، فإذا انتفت المصلحة انفض الحلف، فشرط بقاء الحلف هو تحقيق المصلحة وإلا نقض من طرف واحد، ولا يمنع الحلف من أن يقوم أحد الطرفين بزيادة قوته، والعدو هو من يرفض سلطة الدولة أو حلفها أو أن يكون أحد رعاياها، والعداوة السياسية واقعة قانونية لا انفعالية.
ولكن ما صلة القانون الوضعي بالقانون الإلهي؟ إن العيش وفقا للطبيعة سابق على العيش وفقا لوصايا الدين، فلم تأمر الطبيعة بطاعة الله ولم يأمر العقل بذلك أيضا، ولا يبدأ القانون الإلهي إلا بعد الوحي وبعد أمر الطاعة.
101
ولا تسمع الدولة أمر أحد ولا تطيع أحدا إلا النبي شاهد الله؛ لأن الدولة لا تطيع إلا الله وحده.
102
وهي حرة في أن تطيع القانون الإلهي أم تعصيه؛ لأن القانون الوضعي أو الطبيعي لا يعارض في ذلك.
103
ولكن ماذا يفعل الفرد إذا أمرته الدولة بما يعارض طاعته لله؟ هل يطيع الله أم يطيع الدولة؟ يجيب سبينوزا على ذلك لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولكن خشية أن يفسر كل فرد وصايا الدين على هواه ويأخذ ذلك ذريعة لعصيان قوانين الدولة، فعلى الدولة أن تضع تشريعا للمحافظة على الدين، خاصة أن الله يأمر بطاعة القوانين الوضعية،
نامعلوم صفحہ