رسالہ فی لاہوت و سیاست

حسن حنفی d. 1443 AH
138

رسالہ فی لاہوت و سیاست

رسالة في اللاهوت والسياسة

اصناف

والحق أنه لو استطاع أحد أن يبرهن لنا بالكتاب نفسه على أن سلطة حبر الرومان

31

قائمة على أساس يبلغ من اليقين ما بلغته سلطة أحبار اليهود في الماضي، لما تزعزع اعتقادي مع ذلك، بسبب خسة بعض البابوات الكفرة الفاسقين. كذلك كان هناك، من بين أحبار العبرانيين، كفرة فاسقون وصلوا إلى منصب الحبروية بوسائل إجرامية، وكان لهم مع ذلك، طبقا لوصايا الكتاب، سلطة مطلقة في تفسير الشريعة (انظر: التثنية، 17: 11-12، 33: 10، ملاخي، 2: 8).

32

ولكن لما لم تكن هناك أية شهادة من هذا النوع، فإن الشك يظل قائما في سلطة الحبر الروماني. وحتى لا ينخدع الناس بمثل حبر العبرانيين، ولا يعتقدون أن الديانة الكاثوليكية، تحتاج أيضا إلى حبر، يجب أن نذكر أن شرائح موسى التي كانت تكون القانون العام للأمة، كانت في حاجة ضرورية إلى سلطة عامة للمحافظة عليها؛ إذ لو كان لكل فرد حرية تفسير الشرائع كما يشاء، لما بقيت الدولة، ولتفككت، ولأصبح القانون العام قانونا فرديا خاصا . أما في حالة الدين فالأمر مختلف كل الاختلاف، لأن قوام الدين ليس الأفعال الخارجية بل يسر النفس وصدقها وحسن طويتها، ومن ثم فهو لا يخضع لأي قانون أو لأية سلطة عامة. ولا يمكن إجبار إنسان، أيا كان، بالقوة أو بالقوانين على الحصول على السعادة الروحية، بل إن ما يلزم لذلك هو النصائح التقية الأخوية، وكذلك التربية الصحيحة، وقبل ذلك كله الحكم الحر السليم. وإذن فلما كان لكل فرد حق مطلق في حرية التفكير، حتى في المسائل الدينية، ولما كان من المستحيل تصور انتزاع هذا الحق من أي إنسان، فإن لكل فرد إذن الحق المطلق والسلطة المطلقة في الحكم على الدين، وبالتالي في شرحه وتفسيره لنفسه. والواقع أن السبب الوحيد الذي من أجله أصبح للقضاة السلطة العليا في تفسير القوانين المتعلقة بالنظام العام، هو أن الأمر هنا متعلق بالنظام العام؛ ولهذا السبب نفسه يكون لكل فرد السلطة المطلقة في شرح الدين والحكم عليه، لأن ذلك يدخل في نطاق القانون (الحق) الخاص. وعلى ذلك، فإن كان حبر العبرانيين قد اكتسب سلطة تفسير قوانين الدولة،

33

فلا ينبغي على الإطلاق أن نستنتج من ذلك أن الحبر (البابا) الروماني لديه سلطة تفسير الدين، بل إن العكس هو الصحيح؛ إذ ينتج بسهولة من سلطة حبر العبرانيين هذه أن لكل فرد مطلق الحرية في أمور الدين. وكذلك يمكننا أن نستخلص مما سبق أن منهجنا في تفسير الكتاب هو الأفضل؛ ذلك لأنه لما كانت السلطة العليا في تفسير الكتاب ترجع إلى كل فرد، فلا ينبغي أن تكون هناك أية قاعدة أخرى للتفسير سوى النور الطبيعي المشترك بين جميع الناس، فلا يوجد نور يفوق الطبيعة ولا توجد سلطة خارجية، فمن الواجب إذن ألا يكون هذا المنهج من الصعوبة بحيث لا يمكن أن يتبعه إلا الفلاسفة ذوو البصيرة النافذة، بل يجب أن يكون في متناول الذهن العادي المشترك بين جميع الناس، ومتناسبا مع قدرتهم وقد بينا أن منهجنا كذلك، وقد تبين لنا بالفعل أن الصعوبات التي نجدها فيه ترجع إلى إهمال الناس لا إلى طبيعة هذا المنهج.

الفصل الثامن

البرهنة على أن الأسفار الخمسة ... ليست صحيحة

وفيه تتم البرهنة على أن الأسفار الخمسة وأسفار يشوع والقضاة وراعوث وصموئيل والملوك ليست صحيحة، ثم نبحث إن كان لهذه الأسفار مؤلفون كثيرون أم واحد. ***

نامعلوم صفحہ