الوجه الثاني مع القسم الثاني لا تنافي بينهما وبين ما قضى من الأدلة بالتعيين لأن جمعهما أمر ممكن، نعم ما كان من أدلتهم على الوجه الأول يعارض وينافي الأدلة الدالة على تعيين الإمامة بالنص، ولا يمكن الجمع بينهما البتة، ضرورة إن فرض صدق كل واحد منهما يدل دلالة عقلية إجمالية على فساد الثاني، وأدلة المخالفين إذا تصفحتها ألفيتها تشتمل على جميع الضروب السابقة، لكن ما كان منها من قبيل الوجه الأول قليل وضعيف جدا، وما كان بزعمهم قوي فهو غير نافع وغير مجد لما عرفت من إمكان الجمع بين الدليلين، وسيأتي القول في تفصيل ذلك إن شاء الله.
المقدمة الرابعة: - إن جميع الأمور تنقسم إلى ممكن ومحال والمحال ينقسم إلى محال عادي وعقلي والمحال العادي هو ما حصل العلم بعدم وجوده بملاحظة العادة، والمحال العقلي هو ما استحال وجوده بملاحظة العقل، ولازم المحال العقلي إنه لا يثبت خلافه بدليل عقليا كان الدليل أو عاديا، لأن العادي لا يعارض العقل، والعقليان لا يتعارضان، ولا بد أن يرمى أحدهما بالاشتباه فيكشف المعارض عن إن المعارض - بالفتح - غير محال عقلي، بل ممكن عقلي، وكذا المحال العادي لا يمكن إثباته بالعادة، وإلا يلزم إنه غير محال عادي، نعم يمكن إثبات خلافه بدليل عقلي إذ لا منافاة بين امتناع الشيء بحسب العادة وبين وقوعه بقدرة الله تعالى.
وأما الأدلة الشرعية فقسمان قطعية وظنية: - والأول هو الذي لا يتطرقه احتمال الخلاف، والثاني ما يحتمل فيه ذلك. والقسم الأول لا يقبل المعارضة حتى بالدليل العقلي، ولو
صفحہ 8