انتظارهم هذه المدة اليسيرة حتى فاتتهم الصلاة عليه إلا نفرا يسيرا، وفي بعض الأخبار لم يدفن النبي (ص) حتى تم أمر الخلافة وانقطع النزاع وبويع ابن أبي قحافة، وقيل بقي النبي (ص) إلى ثلاثة أيام لم يقبر لكن المشهور الأول، ولأجل لزوم ذلك والاهتمام به عهد أبو بكر إلى عمر واستخلفه، فأي عاقل يجوز ترك الاستخلاف على من أحرز عقل الكل؟ لعمري إن هذا بهتان عظيم. وفي الأثر (حدث العاقل بما لا يليق فإن صدق لا عقل له)، وعلى كل حال فالمحقق من تواتر الأخبار وأخبار المؤرخين إن جمعا من الصحابة لم يحضروا تجهيز النبي (ص)، وأسرعوا إلى سقيفة بني ساعده لطلب الإمارة والخلافة، وهذا هو الذي دعى الإمامية إلى الانحراف عنهم وعدم الاعتناء بشأنهم، لأن المنصف الخالي من شوائب العناد وهوى النفس يسأل منه إنه أي خلل ووهن ورخنه تصيب الدين في مدة يسيرة حتى يرتكب لأجله هذا الأمر الشنيع الذي يورث الاستخفاف بحق النبي (ص) أن يترك جسدا بلا روح بين الأحياء، ولا يعجلون إلى تربته والحال إن زمان اشتغالهم بالبيعة أطول بحسب العادة من زمان تجهيز النبي (ص) ولو إنهم سلموا من هوى النفس والميل إلى الرياسة لجمعوا بين هذين الأمرين الممكنين وأحرز وأشرف شرف الدنيا والآخرة فيجهزون النبي (ص)، ثم يعدون لما نهوا عنه من أمر الخلافة لا أقل من إن الأمير (ع) إن لم يكن رئيسهم فهو من أول المهاجرين، أما كان ينبغي أن يشاوروه في هذا الأمر ، لكنهم مال بهم الهوى وراق لهم خفق
صفحہ 59