إعلم إن علماء الإمامية خلفا عن سلف كم أقاموا الحجج والبراهين على ذلك شكر الله سعيهم حتى إن العلامة الحلي دون كتابا سماه بالألفين أورد فيه ألف دليل عقلي وألف دليل نقلي على هذا الأمر، ولكن بناء الحقير على عدم التعرض لتلك الأدلة بالتفصيل، وإنما نذكر الحجج التي تسلم مقدماتها الخصوم ولا يحتاج فهمها إلى مراجعة غير هذه الرسالة من كتب الأخبار، لأن أكثر ما نذكره لا ينكره المخالف فإن المهم في تأليف هذه الرسالة انتفاع الضعفاء وذي القوة العادي عن الأسباب، وأما من له قوة الترجيح والاستنباط وأخذ الأشياء من مواضعها فحاله حال المؤلف، وفقنا الله لمراضيه وجعل مستقبل عمرنا أحسن من ماضيه، ثم إنا قد آثرنا سابقا في إثبات النبوة، إن الدليل على ضربين إقناعي وإلزامي، والأول في حق المنصف المائل عن جادة الاعتساف. الثاني في حق العنود الجحود المجادل في البديهيات، والمقدمات الواضحة التي تنتج المقصود حتى لو تحاكما عند ثالث تراضيا عليه صدق المستدل وكذب المنكر، كما لو تواتر خبر مائة بأن وراء الجدار يانع شجر مثمر أو لا ثمرة فيه، وحصل من يرد أنباء تلك المائة، ويدعي إن أخبارهم لا تفيد علما بالمخبر به في حقي، فإن مثله إما خارج عن طريقة العقلاء، وإما يطلقون عليه المعاند الجاحد، والشرط في حصول العلم للخصم صفاء ذهنه من الشبه وسلامة فطرته من الخبائث والقذارات المعنوية، كمن دخل في الإسلام رغبة وأراد أن يميز الفرقة المحقة عن غيرها من الفرق التي تنتهي إلى السبعين أو أكثر، وأما من كان مسبوقا بشبهة تشوش ذهنه منها، أو لم تطهر نطفته، أو أخذته حمية الآباء فاقتفى آثارهم،
صفحہ 10