وقال في موضع آخر من كتابه هذا: فإذا كان أبو الحسن كما ذكرنا عنه من حسن الاعتقاد مستصوب المذهب عند أهل المعرفة بالعلم والانتقاد، يوافقه تفي أكثر ما يذهب إليه أكابر العباد، ولا يقدح في معتقده غير أهل الجهل والعناد، فلا بد أن نحكي عنه معتقده على وجه الأمانة [وجهه بالامانة]، ونجتنب أن نزيد فيه أو ننقص منه تركا للخيانة، ليتعلم حقيقة حاله في صحة عقيدته في أصول الديانة.
فاسمع ما ذكره في أول كتابه الذي سماه ب (الإبانة) فإنه قال:
الحمد لله - ثم استمر الحافظ أبو القاسم رحمه الله في إيراد الكلام على نصه وفصه من أوله إلى باب الكلام في إثبات الرؤية لله عز وجل بالإبصار في الآخرة حرفا حرفا كما شرط.
ثم قال عقيب ذلك: فتأملوا رحمكم الله هذا الاعتقاد ما أصحه [أوضحه] وأبينه، واعترفوا بفضل هذا الإمام العادل الذي شرحه وبينه، وانظروا سهولة لفظه فما أفصحه وأحسنه، وكونوا ممن قال الله فيهم: {الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه}، وبينوا فضل أبي الحسن، واعرفوا إنصافه، واسمعوا وصفه لأحمد بالفضل واعترافه، لتعلموا أنهما كانا في الاعتقاد متفقين، وفي أصول الدين ومذهب السنة غير مفترقين، ولم تزل الحنابلة في بغداد في قديم الدهر على ممر الأوقات، يعتقدون [تعتضد] بالأشعرية [على أصحاب البدع إلى أن قال:] حتى حدث الاختلاف في زمن أبي نصر بن القشيري بوزارة [ووزره] النظام، ووقع بينهم الانحراف من بعضهم عن بعض لانحلال النظام (¬1).
ومنهم الفقيه أبو المعالي مجلي صاحب (كتاب الذخائر) في الفقه.
فقد أنبأني غير واحد عن الحافظ أبي محمد المبارك بن علي البغدادي ونقلت [له] أنا من خطه في آخر (كتاب الإبانة): نقلت هذا الكتاب جميعه من نسخة كانت مع الشيخ الفقيه مجلي الشافعي أخرجها إلي في مجلد، فنقلتها وعارضت بها، وكان رحمه الله يعتمد عليها وعلى ما ذكرناه فيها، ويقول: لله من صنفه، ويناظر على ذلك لمن ينظره، وذكر ذلك لي وشافهني به.
وقال: هذا مذهبي وإليه أذهب، فرحمنا الله وإياه.
نقلت ذلك في سنة أربعين وخمس مئة بمكة حرسها الله.
هذا آخر ما نقلته من خط ابن الطباخ رحمه الله.
صفحہ 10