coureur de femmes
في ميدان إسبانيا، وأنه ليطلب لنفسه أن يرتقي إلى البابوية فيكون أكبر أكابر النصرانية، ويقال إنه إذا نال هذه الغاية جعل مركزه في أفريقيا، وجنوده من القساوسة الذين يقال عنهم إنهم يسعون في إلغاء النخاسة قد أوغلوا في الصحراء، واقتربوا من أبواب بلاد التكرور (بلاد النجر) حيث تقع هذه التجارة حقيقة، ولكن هناك أمرا لا يفهمه الإنسان في أعمال هذا الكردينال التي يتخذها ضد الاسترقاق، وذلك أنه يجتهد في تحرير الأرقاء في البلاد الشاسعة القاصية على يد قسوس قد سلحهم بالبنادق والمدافع، ومع ذلك نستغرب منه في تونس التي نراه فيها حاكما مطلق التصرف يمكنه بكلمة واحدة تحرير عدد عديد من الأرقاء والإماء، وخصوصا الإماء، فإنهم ما زالوا في دور الأغنياء ومنازل الكبراء، إذ إنه يترك الفخر في البحث على إنقاذ الأرقاء في الحاضرة (تونس) نفسها إلى قنصل إنجلترة، وهو القادر على تمام ذلك من غير اتخاذ الرهبان المجندين ومن غير استعمال البنادق والمدافع، ولا أقول ذلك جزافا، بل إنني بنفسي أخذت من قنصلاتو إنجلترة جارية من ضمن 29 جارية أعتقها القنصلاتو مرة واحدة، ولا شك أن أوربا تجهل ذلك، ولافيجري يسكت عمن يخبره بمثل هذه الأمور، ولا غرابة؛ إذ إن تحرر الأرقاء في تونس لا يستوجب إنفاق الدرهم والدينار ولا يستلزم جمع القناطر المقنطرة لأجل الاستحصال على الممالك الأفريقية، بحجة إنقاذ الأرقاء من ربقة الاستعباد.
وقد قابلت كثيرين من الذين عرفوه أيام إقامتهم الطويلة بتونس، فأخبروني عما يأتي بعضه:
هذا الرجل يشتري الأرقاء من أواسط أفريقيا، ثم يأتي بهم لتونس، ومن هناك يرسلهم إلى مالطة فيجبرهم على تغيير الإسلامية واعتناق الديانة النصرانية، وبعد أن يعلمهم فيها ويصيرهم أساقفة يدعوهم «الآباء البيض» ويبعث بهم إلى أواسط أفريقيا ثانية لأجل إلزام أقرانهم وإخوانهم بترك ديانتهم والاقتداء بهم في التمذهب بالنصرانية، وقد اشترى عربات لدفن الموتى وخيولا وبغالا ثم باع ذلك كله بأثمان باهظة إلى القومسيون البلدي في تونس فأصاب من ذلك ربحا عظيما. ومما يحكى عنه أيضا أنه منذ ست أو سبع سنوات كان له كروم يقوم بها رجل من الفلاحين، ويعتني بشأنها، فطرده ووضع قسيسا في محله، ولجهل هذا بأمور الزراعة والعناية بالكرم فسد العنب، ولم يأت بالخمر المعتاد الحصول عليه، فغضب لافيجري على القسيس المتفلح وعاقبة بعقوبة غريبة؛ إذ ألزمه برعي الغنم والمواشي في ضواحي سيدي بوسعيد في المرسى. وأسس مدرسة سان شارل ثم باعها للحكومة في تونس بربح عظيم جدا، وله في الجزائر مزروعات من الخرشوف والكروم يستغلها كأنه رجل من الأهالي ليس منقطعا للدين وخدمته.
وأهم المزايا التي في هذا الرجل أنه على درجة عظيمة من الفهم والعرفان، وأنه متحصل على رتبة الدكتورية في اللاهوت والطب والحقوق والعلوم والفلسفة، وإذا خطب خلب الألباب وتملك العقول ولعب بالأفكار كيفما شاء، وفي وجهه سماحة وبشاشة تغران الإنسان ولا تخبرانه بما انطوى عليه من سوء المقاصد ورذيل السجايا، والحق أنه تاجر لا خادم للديانة، وإذا عاداه أحد أشهر عليه الحرب العوان، وواصل عليه الطعان حتى لا يكون له مخلص منه ولا مناص. وقد أرسل رجلا من أشياعه إلى مالطة وعينه في وظيفة دينية على شرط أنه يخصص له نصف وظيفتها ودخلها، فتم الأمر، ولكن الرجل كان معه تعليمات سياسية أخرى، فلم يتبصر في كيفية إنفاذها، ومما يدل على ذلك أنه قام ذات يوم على مائدة جمعت كثيرا من الناس، ثم رفع الكأس قائلا لتحي الجمهورية الفرنساوية، فطردته الحكومة الإنكليزية منها.
وقد رويت لي أشياء كثيرة أجتزئ عنها، ففيما سبق كفاية.
هوامش
نامعلوم صفحہ