وكان دخول المعبد أسهل بالنسبة لي من دخول بيت التدليك، والكهنة لا يمنعون أحدا من الدخول بشرط أن يدفع شيئا للآلهة، طعام أو ملابس أو نقود؛ فالآلهة هنا شأنها شأن البشر تحتاج إلى نقود وطعام وملابس، صحيح أن كل هذه الأشياء تذهب في النهاية إلى الكهنة في المعبد، لكن الكهنة هم المندوبون عن الآلهة، وليس هناك حد فاصل بين أملاك الكاهن وأملاك الإله.
رأيت أمام المعبد كاهنا بوذيا حليق الرأس، يرتدي ثوبا طويلا أصفر، ويرش الماء على الأرض، ثم يمد يده للناس قائلا: تبرعوا للآلهة.
يده وهي ممدودة تشبه يد الشحاذين، وفي صباح باكر يخرج هؤلاء الكهنة البوذيون بأروابهم الصفراء ورءوسهم الحليقة وأيديهم الممدودة يشحذون طعامهم من الناس.
لا بد وأن تقابل كاهنا منهم إذا سرت في أي شارع، يغيب الكاهن عن المعبد ثلاثة أيام أو أكثر في رحلة للشحاذة، ثم يعود إلى المعبد ومعه خزين يكفيه أسبوعا أو شهرا، فإذا ما نفد الخزين يخرج مرة أخرى في رحلة جديدة لجلب الطعام.
ناولني الكاهن ثمرة فاكهة يسمونها «دوريان»، وهي فاكهة تايلاند الشعبية، قضمت عليها بأسناني، طعمها لذيذ كالتفاح، لكن رائحتها منفرة، وضعت المنديل على أنفي وأنا آكلها.
وقال الكاهن: دعي الرائحة تدخل إلى صدرك؛ إنها مفيدة للصحة.
وقلت: أنت كاهن تفهم في الدين، أما «الصحة» فهذا اختصاصي لأني طبيبة.
ورد الكاهن: وأنا أيضا طبيب.
واكتشفت أن هناك مدرسة طبية داخل المعبد، يتدرب فيها الكهنة على العلاج بالإبر الصينية وبعض العلاجات الأخرى الشعبية، ويسمونهم الأطباء الحفاة.
في ركن المعبد رأيت فجوة في الأرض على شكل حوض لحفظ الماء المقدس، ماء غسل قدم بوذا، وقدمه أيضا مطبوع على قطعة حجر، بعض النسوة يقبلن الحجر، والكاهن يرش عليهن الماء المقدس وهو يتمتم: لتطهرن من الإثم!
نامعلوم صفحہ