عديدة متباعدة ، تخلق لأورفا مظهر بادية أكثر منها مدينة كبيرة. ويحكم المدينة باشا ، بإمرته 150 إنكشاريا و60 سباهيا. وهذه الحامية أحوج إلى الخيالة منها إلى المشاة لتواتر غارات الأعراب عليها ، وخصوصا في موسم الحصاد. وبوجيز الكلام وجدنا أورفا البقعة التي يبالغ فيها الناس في لبس الجلود المعروفة بالقرطبية (1)، لأن مياه تلك البقعة تهبها ذلك الجمال الممتاز. هذا ، وإن الجلود الصفر تلبس في أورفا ، والزرق في طوقات ، والحمر في ديار بكر.
وفي اليوم العشرين من آذار (سنة 1644 م) غادرنا أورفا ، فحللنا بعد مسيرة ست ساعات في قرية بسيطة فيها خان خرب ، وفسقية ذات ماء نمير ، وهذا كل ما يرتاح إليه المرء في تلك القرية. أما الطعام فلا يمكن الحصول عليه.
وفي اليوم الحادي والعشرين ، سرنا تسع ساعات ونزلنا قرب مغاور كثيرة عميقة جدا ، في مداخلها غرف صغيرة ، يظن أنها مأوى رعاة تلك البقعة الذين يرعون أبقارهم هناك. ويمكن الاستفادة من ماء المطر المنحبس في بعض تجاويف الصخور ويجب أن تقضي سفر نصف يوم في اختراق الصخور الوعرة ، التي يكاد يتعذر السير فيها ، ومن الخطر أن ترجع بدابتك إلى الوراء.
وفي اليوم الثاني والعشرين ، بعد أن سرنا إحدى عشرة ساعة ، دنونا من مغارة ، ثم عبرنا نهيرا ينساب عند قدميها. وهناك على جانبي النهير كهفان كبيران يقيم فيهما المسافرون ، فيقصدهم الأهلون بالطعام لهم والعلف لدوابهم. إن جباة الرسوم يأتون من قلعة على نحو من ثلاثة فراسخ من هذه الكهوف ، فيتقاضون قرشين ونصف القرش على حمل كل حصان أو بغل ، ويفتشون في الخرجة ليروا ما إذا كان فيها سلع تجارية. وعند منتصف الطريق من سفر هذا اليوم ، نمر بمدينة خالية خاوية قد هجرها أهلها. وعلى مسيرة ساعة منها قبور من الصخر ، يعلو وسطها صليب فيه كتابة أرمنية.
وفي اليوم الثالث والعشرين ، تمادى بنا السير إحدى عشرة ساعة ، فنزلنا
صفحہ 35