رحلت سیبستیانی

بطرس حداد d. 1450 AH
50

لقد لقينا احتراما في مراكز الكمرك التي مررنا بها. وقد كنا نقول للموظفين بانا من جماعة طوبجي باشي اعني قائد المدفعية في دمشق وبغداد ، وهو مسيحي من كريت ، يكن له القوم احتراما عميقا ويهابون جانبه في مختلف انحاء البلاد. كان هذا الرجل في الجيش العثماني مع شخص آخر اسمه جيوفاني البندقي ، في الحرب التي خاضها العثمانيون لاسترجاع بغداد (1) وقد عقد لهم اكليل النصر ، ويرجع الفضل الاكبر في النصر الى المدفع ، فجازى السلطان جيوفاني ، خير مجازاة ثم ميخائيل ايضا ، واقتطع لهما قرى كثيرة.

لم نذهب لمشاهدة البرج بسبب وقاحة كارلو ، ولان تلك الجهات كانت مليئة بالاعراب ، وقد هجموا قبل ايام على قافلة مرت من هناك فضربوا افرادها بقساوة ضارية وقتلوا بعضهم وكان رئيس قطاع الطرق ابن شيخ تلك المنطقة ، فاضطررنا إلى البقاء في تلك البقعة يومين بانتظار قافلة من الايرانيين العائدين من الزيارة Gezzara حيث ذهبوا للتبرك في جسد احد اوليائهم (2).

حاول رباننا بمختلف الوسائل والحيل ، ان يبتز دراهمنا ، وكان يتمنى ان لا يترك لنا شيئا ، لولا خوفه من ميخائيل طوبجي اذ كان يعتقد انه في بغداد ، وكنا قد لمحنا اثناء حديثنا ، اننا كتبنا اليه ، بواسطة الانكليز ، نخبره باننا على متن هذه السفينة.

خرجنا من الحلة مساء فعبرنا الفرات على جسر من القوارب ، وقد امضى الغلامان ليلتهما في المدينة ، فقلقنا عليهما ، لكنهما عادا مع تباشير الصباح ، فعاودنا السفر ، وبعد نحو خمسة عشر ميلا من المدينة لاحظنا اعرابا يتجمعون ويتمركزون على مسافة ليهاجمونا. وللحال اتخذنا نحن ايضا مواقع للدفاع ، دون ان نتوقف عن السير ، بل بالعكس ، فقد اسرعنا في سيرنا ، فلما لاحظوا كثرة عددنا ، وانطلت عليهم حيلة التجأنا اليها ، وهي ، اننا وضعنا بين

صفحہ 59