على أن لا يقطعوا الماء عن الحاج ، فلما توفي الرجل رحمة الله عليه عادوا إلى عاداتهم الذميمة من قطعه.
ومن مفاخره ومناقبه أيضا أنه جعل مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم تحت سورين عميقين ، أنفق فيهما أموالا لا تحصى كثرة.
ومن أعجب ما وفقه الله تعالى إليه أنه جدد أبواب الحرم كلها ، وجدد باب الكعبة المقدسة ، وغشاه فضة مذهبة ، وهو الذي فيها الآن ، حسبما تقدم وصفه ، وجلل العتبة المباركة بلوح ذهب إبريز ، وقد تقدم ذكره أيضا ، فأخذ الباب القديم ، وأمر بأن يصنع له منه تابوت يدفن فيه ، فلما حانت وفاته ، أوصى بأن يوضع في ذلك التابوت المبارك ، ويحج به ميتا ، فسيق إلى عرفات ، ووقف به على بعد ، وكشف عن التابوت ، فلما أفاض الناس ، أفيض به ، وقضيت له المناسك كلها ، وطيف به طواف الإفاضة ، وكان الرجل رحمه الله لم يحج في حياته (1).
ثم حمل إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وله فيها من الآثار الكريمة ما قدمنا ذكره ، وكاد أشرافها يحملونه على رؤوسهم ، وبنبت له روضة بإزاء روضة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وفتح فيها موضع يلاحظ الروضة المقدسة ، وأبيح له ذلك على شدة الضنانة بمثله لسابق أفعاله الكريمة ، ودفن في تلك الروضة ، وأسعده الله بالجوار الكريم ، وخصه بالمواراة في تربة التقديس والتعظيم ، والله لا يضيع أجر المحسنين. ا ه.
والعبرة في هذا أن بذل المال في المنافع العامة ولا سيما عمران الحرمين الشريفين ، وتسهيل الحج ، والزيارة فيهما ، له أكبر شأن في قلوب المسلمين ، ويكبرون من شأن صاحبه حيا وميتا ما يرفعونه على العلماء والخلفاء والسلاطين. مصححه
صفحہ 94