* الحر في الحجاز وما يقتضيه من كثرة المياه
والحر في الحجاز نوعان :
أحدهما الومد ، وهو الحر الشديد ، مع انقطاع الريح.
والثاني : السموم ، وهو الريح الحارة ، وهذه الريح إذا اتقاها الإنسان بمنشفة مبلولة بالماء ، أو بحصير مرشوش بالماء ، معلق فوق باب أو نافذة انقلبت باردة.
وبالجملة فأشد ما يعاني المرء من حر مكة هو فيما لو تعرض للشمس في وسط النهار.
أما المتعودون ، وأبناء مناطق خط الاستواء ، فلا كلام لنا فيهم ، فقد كنت أراهم في وقت الظهيرة ، يمشون ويتهادون في الشمس ، كما يمشي الواحد منا في ظلال جنة ، ولم يكن يصيبهم أدنى ضرر.
ولم يكن يصاب بضربة الشمس إلا من تعرض لها من حجاج الشمال لا غير.
من فوائد هذه الحرارة الشديدة في مكة في أيام الموسم أنها تقتل بشدتها جميع الجراثيم المضرة ، فلا تجد في الحج شيئا من الأوبئة السارية ، وقد مات في هذا الموسم من مئتي ألف حاج نحو (250) نسمة فقط ، كلهم تقريبا ذهبوا بضربة الشمس ، ولا أريد أن أجعل الفضل كله في قلة الأمراض لحمارة القيظ ، بل الإدارة الصحية في الحجاز بفضل تدابير مديرها ، وهمة الخمسة والعشرين طبيبا الذين يعاونونه هي خير إدارة صحية عرفها الحجاز إلى اليوم ، ما عدا الأيام التي كان فيها المرحوم قاسم بك عز الدين في زمن الأمير عون الرفيق ، وأسس الترتيبات الصحية التي لا تزال نبراسا إلى هذه الساعة ، فالدكتور محمود حمدي يحذو حذو المرحوم الدكتور عز الدين ، وتجده هو وأطباؤه في أيام الموسم لا يعرفون لذة الكرى من أجل سهرهم على صحة الحجاج.
صفحہ 55