رحلہ فی فکر زکی نجیب محمود
رحلة في فكر زكي نجيب محمود
اصناف
وما دمنا قد حكمنا عليه بأنه صاحب مدرسة، فمن الطبيعي أن تعارضه «المدارس الأخرى»، سواء أكانت يسارية كالماركسية أو يمينية كالسلفية المتزمتة، وأن ينظر إليه أصحاب اليمين وأصحاب اليسار جميعا، وكأنه لم يفعل شيئا سوى نشر الدعوة التي يقوم عليها مذهبه، وتثبيت دعائمها، على نحو ما يفعلون هم أنفسهم: «حتى استطاع أن ينمي حوله تيارا فكريا مستمدا من أصول هذه الفلسفة، وأن يدعمه بالمقالات والمحاضرات والكتب.»
2
ومن هنا كان نقد الوضعية المنطقية يعني، في الحال، نقدا لزكي نجيب محمود، حتى وإن اعترف فريق من أصحاب هذا النقد أنه «أنشأ مدرسة خاصة في داخل المدرسة الوضعية المنطقية».
3
أو اعترف غيرهم أن الدور الذي لعبه زكي نجيب محمود في ثقافتنا يختلف عما تقوم به الوضعية المنطقية في بلاد أخرى كإنجلترا أو أمريكا، وغيرهما من الدول المتقدمة، التي لا يمكن أن نقول إن هذه الفلسفة تقوم فيها بعملية تنويرية. أما عندنا «فقد كان التصدي للخرافات الغيبية بالنقد شرطا لكل نقد في بلادنا، فيما بدأت علاقات العالم القديم تسير في الاضمحلال (وقام فيها زكي نجيب محمود بدور بارز)، فألحقت سهام نقده ضررا فادحا بالقيم الرجعية ... فضلا عن أنه لم يتهاون طوال فترة ليست بالقصيرة مع الكهانة الجاهلة في الكثير من المسائل العلمية، ووجهت إليه أحجار الاتهامات الطائشة، بخلاف الحال مع ممثلي الوضعية المنطقية في شروط اجتماعية مختلفة ...»
4
ومع ذلك كله فقد أصبح من المألوف أن تصادفك في مجال الدراسات، التي تتصدى لبحث الفلسفة في العالم العربي، «كليشيات» أقرب إلى المسلمات بأن الرجل يحمل لواء الوضعية المنطقية فحسب، وأنه أكبر داعية لها، وهذا هو كل دوره في حياتنا الثقافية ... «من المؤكد أن زكي نجيب محمود هو أبرز ممثل لهذا التيار في الوطن العربي ...»
5
وكأن المسألة أصبحت بديهية لا تحتاج إلى شرح أو تفسير، فقد صدر الحكم وانتهى الأمر بأنه ممثل الوضعية المنطقية، وحامل أختامها ووكيل أعمالها لا أكثر ولا أقل! فإذا ما كتبت عنه أطروحة أكاديمية، فإنها تستهدف دراسة «الوضعية المحدثة وفلسفة زكي نجيب محمود».
6
نامعلوم صفحہ