الظاهر، وجزم به النووي وجماعة من أصحاب الشافعي؛ كالقفال والماوردي، وحكى ابن عبد البر عن الشافعي، ومالك، وأبي حنيفة، وأكثر الفقهاء: كراهةَ ركوبه بغير حاجة، وحكاه الترمذي أيضًا عن أحمد، وإسحاق، والشافعي، وقيد الجوازَ بعضُ الحنفية بالاضطرار، ونقله ابن أبي شيبة عن الشعبي، وحكاه ابن المنذر عن الشافعي: أنه يركب إذا اضطر ركوبًا غيرَ قادح.
وحكى ابن العربي عن مالك: أنه يركب للضرورة، فإذا استراح، نزل؛ يعني: إذا انتهت ضرورته، والدليلُ على اعتبار الضرورة ما في حديث جابر من قوله ﷺ: "اركبها بالمعروف إذا أُلجئت إليها"، واختلف من أجاز الركوب هل يجوز أن يحمل عليها متاعه؟ فمنعه مالك، وأجازه الجمهور، وهل يحمل عليها غيره؟ أجازه الجمهور أيضًا، ونقل عياض الإجماع على أن لا يؤجرها، واختلفوا إذا احتلب منه شيئًا، فعند الشافعية والحنفية: يتصدق به، فإن أكله، تصدق بثمنه، وقال مالك: لا يشرب من لبنه، فإن شرب، لم يغرم، وإذا نُتجت البدنة، فليحملْ ولدها حتى يُنحر معها، فإن لم يوجد محمل، حمل على أمه، قال في "شرح السنة": وهذا قول أهل العلم.
٢٢ - فصل فيما يجتنبه المحرم وما يباح له
عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنه-، قال: سئل رسول الله ﷺ: ما يلبس المحرِم؟ قال: "لا يلبس المحرم القميص، ولا العمامة، ولا البرنس، ولا السراويل، ولا ثوبًا مسه ورسٌ ولا زعفران، ولا الخفين، إلا ألا يجد نعلين، فليقطَعْهما حتى يكونا أسفلَ من الكعبين" رواه الجماعة، والكعبان: هما العظمان الناتئان عند مفصِل الساق والقدم، هذا هو المعروف عند أهل اللغة، وفي الحديث دليل على أن لبس هذه الأشياء لا يجوز، ولذلك أمر من أحرم في جبة أن ينزعها عنه، فما كان من هذا الجنس، فهو في معنى ما نهى عنه ﷺ، وما كان في معنى القميص، فهو مثله، وليس له أن يلبس القميص بكم ولا بغير كم، سواء أدخل فيه يديه، أو لم يدخلهما، وسواء كان سليمًا أو مخروقًا، وكذلك لا يلبس القِباء الذي يُدخل يديه فيه، وكذلك الدرع الذي يسمى: عرق
1 / 62