بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر وأعن الحمد لله الذي بين لعباده مناهج سبيله فعبدوه، وتعرف إليهم بآياته وبيناته فعرفوه، وكشف لهم عن قدره فتوكلوا عليه ووثقوه، وظهر لقلوبهم بآثار صفاته فأحبوه وألهوه، وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، الذي وعد الله عباده بمحبته لهم إذا هم اتبعوه ، صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه، ما سبحه الأملاك وما قدسوه، وبعد: فلما كان بيان الحق والهدى، لعباد الله من النصيحة التي أمر الله بها ورسوله صلى الله عليه وسلم حيث قال صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)، ولا يتم ذلك إلا ببيان الانحراف، فإنه لا يعرف الشيء - غالبا - إلا بضده، وبالنور ينكشف الظلام، وبالشعاع يتجلى القتام، أحببت أن أشرح حال رحلتي في طلبي ، وما لقيته من الطوائف المنحرفة عن نهج الحق والصواب، إذ في الناس من يظنهم من أهل الله- وربما يتوسل بهم إلى الله- ليكون ذلك لطالب الهدى في آخر الزمان ، تبصرة ويرهانا ، ومعراجا إلى معرفة مراد الله تعالى من عباده، في مطالبهم وعقودهم وأحوالهم، ليقوم الطالب بذلك فيلقى ربه تعالى بخالص العبودية، فتقر عينه بلقائه، ويجانب من ظهر انحرافه عن طريقة أهل الحق، ويعلم ماهية أذواق الناس، وحقائق أحوالهم في رأس السبعمئة من الهجرة النبوية، فكثير من الناس من تخفى عليه حقائق أحوالهم ، ويتغطى عنه ما أنعم الله عليه، حيث أحياه في ستر العافية، وأوقعه بين أعلى السنة والجماعة من طفوليته إلى سن شيخوخيته، فهو لا يدري ما أحدث الناس، ولا ما يتقلبون فيه من خطوات الشيطان وشركائه ومصائده، ولا يدري ما بدلوا من دين الله وشريعته.
فيستفاد بمعرفة أحوال الخلق أحوال المحقين من المبطلين، والناقصين من
صفحہ 29