246

* [الأهرام والبرابي]

أما أهرامها وبرابيها (1)، فمبان عجيبة في غاية الغرابة مضمنة (2) من الحكمة وغرائب العلوم ما صار أعجوبة على وجه الدهر. وبين الناس تنازع في أول من بناها ، وفي أي شيء قصد بها ، ولهم فيه خوض كثير لا حاجة بنا إليه ، وقد ذكر القاضي صاعد صاحب الطبقات : «أن جماعة من العلماء زعموا أن جميع العلوم التي ظهرت قبل الطوفان إنما صارت عن هرمس الأول الساكن بصعيد مصر الأعلى ، وهو الذي يسميه العبرانيون خنوخ وهو إدريس [النبي] (3) عليه الصلاة والسلام ، وأنه أول من تكلم في الجواهر العلوية ، والحركات (4) النجومية ، وأول من بنى الهياكل ، ومجد الله تعالى فيها ، وقالوا : إنه أول من أنذر بالطوفان ، ورأى أن آفة سماوية تلحق الأرض من الماء أو النار [78 / ب] فخاف ذهاب العلم ودروس الصنائع فبنى الأهرام والبرابي التي في الصعيد ، وصور فيها جميع الصناعات والآلات ، ورسم فيها العلوم حرصا منه على تخليدها.» (5).

قال القاضي صاعد المذكور : «وكانت دار الملك والعلم بمصر في قديم الدهور (6) مدينة منف ، (7) وهي على اثني (8) عشر ميلا من الفسطاط. فلما

صفحہ 315