وهذا الاقتران يدلل على مدى الصلة الوثيقة يين محبة الله ومحبة رسوله ﷺ، وإن كانت محبة الرسول داخلة ضمن محبة الله تعالى أصلا، لكن إفرادها بالذكر مع أنها ضمن محبة الله فيه إشارة إلى عظم قدرها وإشعار بأهميتها ومكانتها.
رابعا: ومن الأدلة قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ ١.
ففي هذه الآية إشارة ضمنية إلى وجوب محبة النبي ﷺ، لأن الله ﵎ قد جعل برهان محبته تعالى ودليل صدقها هو اتباع النبي ﷺ، وهذا الاتباع لا يتحقق ولا يكون إلا بعد الإيمان بالنبي ﷺ، والإيمان به لابد فيه من تحقق شروطه التي منها محبة النبي ﷺ فعن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: "فوالذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده" ٢.
فمحبته ﷺ شرط في الإيمان الذي لا يتحقق الاتباع إلا بوجوده. ومن جهة أخرى فإن محبة الله مستلزمة لمحبة ما يحبه من الواجبات، واتباع رسوله هو من أعظم ما أوجبه الله تعالى على عباده وأحبه. وهو سبحانه أعظم شيء بغضا لمن لم يتبع رسوله. فمن كان صادقا في دعوى محبة الله اتبع رسوله لا محالة، وكان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما.
فتأمل هذا التلازم بين محبة الله تعالى ومحبة نبيه ﷺ.
١ الآية (٣١) من سورة آل عمران.
٢ أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان: باب حب الرسول ﷺ من الإيمان. انظر: فتح الباري (١/ ٥٨) ح ١٤.