Return of the Spirit and Awakening of Faith
عودة الروح ويقظة الإيمان
ناشر
دار السراج
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
اصناف
فحجر الزاوية -إذن- في قضية الإمداد هو العزم والتصميم، لذلك أوضح القرآن أن أهم أسباب مخالفة أبينا آدم- ﵇ وأكله من الشجرة التي نُهي عنها هو قلة عزمه في ذلك ﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا﴾ [طه: ١١٥].
عزم الأمور:
وإن كانت قوة العزيمة تختلف من شخص لآخر، فإن الأمور كذلك تختلف في قدر العزيمة المطلوبة لبلوغها، فهناك أمور تحتاج إلى عزيمة شديدة مثل ما ذكر في قوله تعالى: ﴿لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ﴾ [آل عمران: ١٨٦]، وقوله تعالى على لسان لقمان: ﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ﴾ [لقمان: ١٧] وقوله: ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ﴾ [الشورى: ٤٣].
فالصبر من الأمور التي تحتاج إلى عزيمة شديدة، فمع أنه- كغيره- يتنزل من عند الله ﴿وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللهِ﴾ [النحل: ١٢٧]، إلا أنه يحتاج إلى عزيمة شديدة من العبد لكي يتنزل عليه من الخزائن الإلهية كما فعلت البقية الباقية مع طالوت عند مواجهة جالوت وجنوده ﴿وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ - فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ﴾ [البقرة: ٢٥٠، ٢٥١].
البداية من العبد:
إذن فالبداية منك أيها الإنسان .. لا تلم أحدًا على تقصيرك .. على مستواك .. على عدم نجاحك .. فالإمداد على قدر الاستعداد، فمن يرد شيئًا ويصمم على بلوغه يصل إليه .. لا، لا، بل يوصله الله إليه ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ﴾ [الإسراء: ١٨].ويؤكد على هذا المعني قوله ﷺ: «.. ومن يتحر الخير يُعطه، ومن يتق الشر يُوَقَّه» .. والمتأمل للحديث من أوله يجده يدور في نفس المعنى (إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، ومن يتحر الخير يُعطه، ومن يتق الشر يُوَقَّهَ) (١).
فالتاء هنا للطلب- كما أسلفنا- أي أن الذي يريد العلم عليه أن يطلب ذلك، ويعزم عليه فُيعلِّمه الله، والذي يريد الحلم عليه أن يعزم عزيمة صادقة على بلوغه، فيرزقه الله الحلم، وهكذا في كل الأمور مثل العفة والصبر .. ففي الحديث «ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله ..» (٢).
فلو أراد (متخاصمان) الصلح بصدق وعزما على ذلك، أصلحهما الله ﴿إِن يُّرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا﴾ [النساء: ٣٥].
ومَن يُرد الهداية بصدق يهده الله ﴿فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا﴾ [الجن: ١٤].
والذي لا يريد الهداية لا يهديه الله ﴿فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللهُ﴾ [التغابن: ٦].
﴿كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾ [آل عمران: ٨٦].
_________
(١) حسن، أخرجه الخطيب البغدادي عن أبي الدرداء وحسنة الألباني في صحيح الجامع (٢٣٢٨) والسلسلة الصحيحة (٣٤٢).
(٢) متفق عليه، البخاري (٦٤٧٠)، مسلم (١٠٥٣).
1 / 13