وَلَا أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا. فَجَاءَ الرَّسُولُ ﷺ فَقَالَ: أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» (١) .
فالحديث دال على أنه ليس منه ﷺ من عزم على أنواع الشدة والمشاق التي كانت في الأمم السالفة فخففها الله تعالى عن هذه الأمة (٢) .
(١١) وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ﵁ مَرْفُوعًا: «لَا تُشَدِّدُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِتَشْدِيدِهِمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَسَتَجِدُونَ بَقَايَاهُمْ فِي الصَّوَامِعِ وَالدِّيَارَاتِ» (٣) .
(١٢) وَلَفْظُهُ فِي رِوَايَةِ أَنَسٍ ﵁ مَرْفُوعًا: «لَا تُشَدِّدُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَيُشَدَّدَ عَلَيْكُمْ، فَإِنَّ قَوْمًا شَدَّدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَشَدَّدَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فَتِلْكَ بَقَايَاهُمْ فِي الصَّوَامِعِ وَالدِّيَارَاتِ: ﴿وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ﴾ [الحديد: ٢٧]»، (٤) .
قال الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى -: " نهى النبي ﷺ عن التشديد في الدين، وذلك بالزيادة على المشروع، وأخبر أن تشدد العبد على
(١) أخرجه البخاري في: ١٧ - كتاب النكاح، ١ - باب الترغيب في النكاح ٥ / ١٩٤٩ (٤٧٧٦) .
(٢) انظر الموافقات ١ / ٣٤٢.
(٣) رواه الطبراني في الأوسط ٣ / ٢٥٨؛ والكبير ٦ / ٧٣، وقال الهيثمي: " فيه عبد الله بن صالح كاتب الليث وثقه جماعة وضعفه آخرون " مجمع الزوائد ١ / ٦٢.
(٤) سورة الحديد ٢٧. والحديث رواه: أبو داود في: ٣٦ - كتاب الأدب، ٥٢ - باب في الحسد ٤ / ٢٧٦ (٤٩٠٤)؛ وأبو يعلى في مسنده ٦ / ٣٦٥، وإسناده لا بأس به.