إذا خاف الإنسان على نفسه الهلاك من الجوع ولم يجد إلا إنسانًا حيًا معصومًا لم يبح له قتله إجماعًا (١) ولا قطع عضوٍ من أعضائه، لأنه مثلة فلا يجوز له أن يبقي نفسه بإتلاف غيره، لأن الضرر لا يزال بضررٍ مثله ولا أكثر منه (٢)،وهذا لا خلاف فيه.
وإنما الخلاف فيما لو وجد المضطر آدميًا ميتًا هل يجوز له أكله؟ من نظر إلى الأدلة الصحيحة الدالة على حرمة المسلم ومن في حكمه،وأنه يجب تكريمه حيًا وميتًا قال: لا يباح للمضطر أن يأكل منه حيًا ولا من جثته ميتًا ولو لم يجد غيره، ولو أدى ذلك إلى هلاكه.
ومن أجاز الأكل نظر إلى الأدلة الصحيحة الدالة على أنه يجب على الإنسان أن يحافظ على حياته حتى أنه قد أبيح له أن يأكل عند الضرورة من المحرمات عليه حال الضرورة من ميتة وسواها، بل قد صرح بعضهم بأنه يجب عليه أن يأكل من ذلك إذا خشي الهلاك فإن امتنع المضطر عن التناول ومات أثم إلا إن كان جاهلًا لأنه قادر على إحياء نفسه بما أحله الله له فلزمه أكله كما لو كان معه طعام حلال (٣)، ولأن ترك تناول الميتة ونحوها حتى يموت يعتبر قتلًا للنفس وإلقاء بها إلى التهلكة لأن الكف عن التناول فعل منسوب للإنسان (٤) .
وإليك بعض نصوصهم في هذه المسألة:
الظاهر عند الحنفية أنه لا يجوز الأكل من الآدمي لكرامته.
(١) المبسوط: ٢٤/٤٨، حاشية الدسوقي / ٢/ ١٣٦،نهاية المحتج: ٨/٢٣، مطالب أولي النهى: ٦ / ٣٢٣. (٢) الضرر لا يزال بضرر مثله، ولا أكثر منه بالأولى، إذًا يشترط بأن يزال الضرر بلا إضرار بالغير إن أمكن وإلا فبأخف منه، انظر درر الحكام شرح مجلة الأحكام: ٣٠ مادة (٢٥) (٣) المغني والشرح الكبير ١١/٧٤. (٤) انظر أحكام الأطعمة في الشريعة الاسلامية
22 / 19