في الولايات المتحدة وكندا مائتا ألف سوري، فلو صام كل منهم أو أكثرهم يوما واحدا وبعث بمصروف ذلك اليوم دولارا أو دولارين أو نصف دولار إلى لجنة إعانة المنكوبين لجمعنا بهذه الطريقة وحدها في الأقل مائة ألف دولارا.
إني وربي جاد مخلص في ما أقول، ولست أبتغي الباطل المستحيل، إن مثل هذا العمل لا يستوجب سوى شيء من العزم وقليل من الإرادة، وحبذا الجرائد المعقبة على هذا الرأي إذا استحسنته، وحبذا الإكليروس مبشرين به، يوم صوم عمومي، نادوا به وادعوا إليه الناس، يوم مقدس يسجل لنا في تاريخ نكبتنا، ناهيك بأن مثل هذا العمل يكبره الأميركيون فيذيعون خبره في جرائدهم، وفي هذا فائدة كبرى، فائدة أخرى لنا، يوم صوم تعينه اللجنة أو الإكليروس فنتوفق فيه - إن شاء الله - إلى جمع مائة ألف دولار في الأقل، وما أجمله يوما إذا تقدم اليوم الذي سيعينه رئيس الولايات المتحدة لإعانة المنكوبين في سوريا، فإنه ينبه الأميركيين إلينا فتكون التبرعات في الكنائس ضعف ما قد تكون.
من أغنيائنا من يصرف عشرة وعشرين دولارا على عشائه، ومنهم من يصرف مائة دولار في ليلة واحدة، زادهم الله خيرا وكرما، ولكن عشاء واحدا يحرمه الغني نفسه ويخصص به الجائع؛ لأجمل في عين الله والناس من مائة مأدبة فخيمة، وما فضل الإنسان على الحيوان إذا كان لا يستطيع أن ينكر ذاته يوما واحدا ليقي أخاه ويل الجوع؟ ما فضل المرء إذا كان لا يستطيع التقشف يوما واحدا في أيام يسره وإقباله؟
وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير (الآية).
وقد يزيل الله نعمته عنك غدا أيها الغني فتكره على تقشف لا فضل لك فيه، وقد تذكر إذ ذاك الجائع ولا تستطيع إسعافه فتندم على ما فات ولا ينفع الندم، اذكر الجائع في إقبالك، خصصه بشيء من يسرك صاف لوجه الله، صم يوما واحدا مع من يصوم أشهرا وكن من المحسنين المقربين.
كراغزمور، نيويورك في 1 آب، سنة 1916
الجوع
إذا نضبت في البلاد الأنهار، واستحالت السماء نحاسا حاميا ترسل أشعة شمسها نقمة وانتقاما، فتحرق الأشجار، وتأكل النبات، وتجفف الأرض، وتجعل الحقول كالصحراء، يحدث في الناس مجاعة لا يد جانية فيها للإنسان.
وإذا غزا الجراد زرع أمة ومروجها، يلتهم الأخضر واليابس كشمس النفود في الصيف، فلا يترك وراءه شيئا يصلح للغذاء؛ يحدث في البلاد مجاعة لا يد أثيمة فيها للإنسان.
وإذا ألقى الوباء في أمة عصاه، وشرع يفتك فيها فتكا ذريعا أوجب عليها النطاق الصحي فأبعدها عن خيرات الأرض دون تخومها، قد تجهز عليها مجاعة لا يد جانية فيها للإنسان.
نامعلوم صفحہ