وسمعت أصواتا تعددت النعرات فيها وتنوعت اللهجات، من سجون الحياة في المدينة وفي الجبال
أصواتا تنادي وتستغيث، وأصواتا تتأوه وتئن، وأصواتا تصيح الويل والثبور، وأصواتا تنجد في الجدال وتغور، وأصواتا فيها تهديد ووعيد، وأصواتا في المجالس لا تعلم ما تريد
ثم سمعت صوتا يهمس في أذني: أيدهشك ما تسمع؟
قم بنا، وليدهشنك ما سترى
عرفت صاحب الصوت، رفيق الأسفار والأفكار، فتبعته
وقفنا في الباب، فإذا بالخادم هناك يرحب بنا باسما
دخلنا البيت، فإذا هو مشين بصور سخيفة في آطار مذهبة، ومفروش بالكماليات الغالية من صناعة الغرب، إلا غرفة واحدة فيه لا تزال كما كانت يوم هجرناه
فاستأنست عند وقوفي في الباب بحصيرها ومسندها، بعمودها وموقدها، بجلد الغنم حول الموقد والشمعدان، وبما تلبد على الحائط وفي السقف من الدخان
فهتفت قائلا: هذا هو بيت أمي، تبارك بيت الأمة
مشى الخادم أمامنا وهو يبتسم ويفرك يديه كفا على كف كأنه يقول: إن عملي حسن وستستحسنونه
نامعلوم صفحہ