والأخير كقول الْمَعَرِّيّ:
توهَّمَ كلَّ سابغةٍ غديرًا ... فرَنَّق يَشْرَب الحَلَق الدَّخاَلاَ
وله من أخرى:
ما لاَح في أُفَقِي المحاسن إذ سرَى ... إلاَّ حَمَدتُ بليل طُرَّته السُّرَى
عقَد الإزارَ على كثيبٍ في نَقًا ... فغدا اصْطِباري وهْو محلولُ العُرَى
لا تذكرِ الغزلانَ عند كِناسهِ ... معه فإن الصَّيدَ في جَوْفِ الفَرَا
وله أيضًا:
إلى كم أُمَنِّي القلبَ والقلبُ مُولَعٌ ... وأزجرُ طَرفَ العينِ والطرفُ يدمَعُ
وحتَّى متى أشكُو فِراقَ أحبَّتي ... عفَا بالنَّوى منهم مَصِيفٌ ومَربَعُ
وأستعرضُ الرُّكبانَ عنهم مُسائلً ... عسى خبرٌ عنهم به الركبُ يرجعُ
تصبَّرتُ عنهم وأنثنيْتُ إليهمُ ... ولم يبْقَ في قوسِ التَّصبُّرِ مَنْزَعُ
أُراعيِ نجومَ الليلِ أرقبُ طيْفَهم ... وكيف يزور الطَّيفُ مَن ليس يهجَعُ
وما زالتُ أبكي لؤلؤًا بعد بَيْنهم ... إلى أن بدا مُرجانُ دمعِيَ يَهْمَعُ
وما كان تبكي العينُ لولا فِراقُهم ... عقيقًا ولا يشْفِي الفؤادَ طُوَيْلٍعُ
فلا حاجِرٌ بعد الأحبَّة حاجِزٌ ... ولا لَعْلَعٌ مذ فارق الحيُّ لَعْلَعُ
غرَبْن شموسًا في بدورِ أكِلَّةٍ ... فليس لها إلاَّ من الخِدْرِ مَطْلَعُ
1 / 35