نفْحةٍ عنْبَريَّة، وهبَّتْ بها أنفاسُه النَّدِيةُ نَدِيَّة، تنفُّسَ الروض في الأسحار بأفواه العبير عن أفْواهِ النَّوْر والأزهار.
يَسْرِي على رَيْحانِها نفَسُ الصَّبَا ... سحَرًا فُيوهِم أنه ذِكْراهَا
فلذا سمَّيْتُها:) ريحانة الألِبَّا، وزهرة الحياة الدنيا (فإني شمَمْت بها روائحَ الشَّباب، ونظرتُ في مِرآتها وُجوهَ الأحباب، وتذكَّرتُ غابِرَ الأيَّام، إذ العيش غضٌّ والزمان غُلام، مِن أعلام شم الأنُوف إن دعي بهم بوّ الصغار تشَّمخ، في غُرَر أيامٍ تُقام بها مواسمُ الدهرِ وتُؤرَّخ.
وجعلتُ مِسْك الخِتام، ذكَر سادةٍ من العلماء الأعلام، فإنَّ بصَبا أنفاسهم ينْقشِع غَمامُ الغُمَّة، وبذِكْرِهم في نادِينا تنزِلُ الرَّحْمَة.
فإن عَذُبت مواردُها، فَلْتُقرَن بالدعاء فرائدُها، فإن عُثِر منها على كَبْوة، فليَبذُل لها اللبيبُ عفوَة.
على أنَّني راضٍ بأن أحملَ الهوَى ... وأخلُصَ منه لا عَلَيَّ ولا لِياَ
وها أنا ذا أُمتِع الأسماع، بربيع أحْوَى الظِّلال الْمَى التِّلاع، فإذا رأيتَ كلامًا لأهل العصر لم تترنَّح أعطافُه لهذا النَّسيم، فتمتَّع من شَمِيم عَرارِ نجدٍ فما بعدَه من شَمِيم، فليس مِن ليْلِى ولا سَمَره، ولا مما يُهدَى لنا من الأدب باكورةُ ثَمرِه، فكم من أشعار، للبُخل فيها أعذار:
1 / 12