والمساجد التي كان يحتشد فيها جماهير الطلاب والمدرسين والعلماء كل يوم للدرس والمطالعة، والبحث والمناقشة، فكان لانتقال المدرسة إلى هذا الجو الفكري على يد علماء كبار أمثال (المفيد والمرتضى والطوسي) أثر كبير في الحركة الفكرية القائمة في حينه، فقد تكاملت (مدرسة الفقه الشيعي) في (قم والري) وتأصلت، وظهرت ملامح الاستقلال عليها وتبلورت أصولها وقواعدها في (بغداد).
ورغم كثرة مدارس البحث الفقهي في (بغداد) في ذلك الحين فقد كانت (مدرسة أهل البيت) عليهم السلام أوسعها وأضخمها وأعمقها جذورا وأصولا وأكثرها تأصلا واستعدادا، وأقومها في الاستدلال والاحتجاج.
وكل ذلك كان يبعث طلاب الفقه على الالتفاف حول هذه المدرسة أكثر من غيرها.
فقد كان يحضر درس (الشيخ الطوسي) حوالي ثلاثمائة مجتهد من (الشيعة). ومن (العامة) ما لا يحصى (1).
ومن المستحسن بنا - ونحن بصدد دراسة (الفقه الشيعي) في هذا العصر - أن نمر سريعا على تراجم ألمع فقهاء هذه الدورة:
1 - (المفيد):
أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المفيد البغدادي، ولد في (عكبرا) وانتقل منها في أيام صباه إلى بغداد بصحبة والده، ونشأ في بغداد، وتفرغ منذ نعومة أظفاره لطلب العلم، فعرف وهو بعد صغير يرتاد حلقات الدراسة بالفضل والنبوغ.
.
صفحہ 55