فلما نزل الوفد، قامت الملعونة، وقالت: أنا بالله وبالوفد، أنا امرأة مسكينة، وقد سرقت نفقتي ومالي، وأنا مستجيرة بالله وبكم.
فجلس مقدم الوفد، وأمر رجلين من المهاجرين أن يفتشا الوفد.
ففتشا الوفد فلم يجدا شيئا في الوفد، ولم يبق أحد إلا وفتش رحله، فأخبروا مقدم الوفد بذلك، فقالت: يا قوم، ما يضركم لو فتشتم رحل هذا الشاب فله أسوة بالمهاجرين، وما يدريكم أن ظاهره مليح وباطنه قبيح، ولم تزل المرأة على ذلك، حتى حملتهم على تفتيش رحله، فقصده جماعة من بين الوفد، وهو قائم يصلي، فلما رآهم أقبل عليهم وقال: ما بالكم وما حاجتكم؟
فقالوا له: هذه المرأة الأنصارية ذكرت أنها قد سرق لها نفقة كانت معها، وقد فتشنا رحال القوم بأسرها، ولم يبق منهم غيرك.
نحن لا نتقدم إلى رحلك إلا بإذنك، لما سبق إلينا من وصية عمر فيما يعود إليك.
فقال: يا قوم، ما يضرني ذلك ففتشوا ما أحببتم، وهو واثق من نفسه. فلما نفض المزاد التي فيها زاده، فوقع منها الهميان.
فصاحت الملعونة: الله أكبر، هذا والله كيسي ومالي، فيه كذا وكذا دينار، وفيه عقد من لؤلؤ وزنه كذا وكذا.
فاختبروه فوجدوه كما قالت الملعونة.
فمالوا عليه بالضرب الوجيع والشتم، وهو لا يرد جوابا، فسلسلوه وقادوه راجلا (1) إلى مكة.
صفحہ 51