ثم رحل مولانا السلطان - خلد الله سلطانه - يوم الإثنين الرابع من شهر رمضان المعظم من مكان النصر وبقاعه تثني على معاليه، وتشهد بمضاء قضبه في سبيل ربه ونفوذ عواليه. ونزل الكسوة ودمشق قد أخذت زخرفها وازينت، وتبرجت محاسنها للنواظر وما بانت بل تبينت. وكادت جدرها تسعى للقائه لتؤدي السنة من خدمته والفرض، غير أنها استعارت الأنهار فسعت وقبلت بين يدي جواده الأرض. ودخلها في يوم الثلاثاء، الخامس من شهر رمضان المعظم، [ودخلها في هذا اليوم] والملائكة تحييه عن ربه بتحية وإكرام، وتقول له ولجيوشه المؤيدة: أدخلوها بسلم في موكب كأنه نظام الدرر، بل هو - حقا - هالة القمر. والمدينة قد تاهت به عجبا، والناس يدعون لسلطان [قد] شغفوا بدولته حبا. ويتعجبون من نضارة ملكه الذي سر النواظر، ويرون أولياءه في ظل إنعامه، فيقولون: أبدلت الأرض غير الأرض، أم صارت سماء، وإلا فما هذا القمر حوله النجوم الزواهر؟ وغدت المآتم بدمشق المحروسة أفراحا وأعراسا، وربوع الهناء قد عوضها يمن مقدمه عن الوحشة إيناسا. والقلعة المنصورة بآلات حصارها مزينة، قائلة: كيف يستباح حماي وأنا بهذا السلطان محصنة، وبسعادته محصنة؟
صفحہ 51