روض انف
الروض الأنف في شرح السيرة النبوية
ناشر
دار إحياء التراث العربي
ایڈیشن
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٢ هـ
پبلشر کا مقام
بيروت
علاقے
•مراکش
سلطنتیں
المرابطون یا المراوطون
مَا أَرَادَ الْقَوْمُ إلّا هَلَاكَك وَهَلَاكَ جُنْدِك. مَا نَعْلَمُ بَيْتًا لِلّهِ اتّخَذَهُ فِي الْأَرْضِ لِنَفْسِهِ غَيْرَهُ، وَلَئِنْ فَعَلْت مَا دَعَوْك إلَيْهِ، لَتَهْلَكَن، وَلَيَهْلَكَن مَنْ مَعَك جَمِيعًا، قَالَ: فَمَاذَا تَأْمُرَانِنِي أَنْ أَصْنَعَ إذَا أَنَا قَدِمْت عَلَيْهِ؟ قَالَا: تَصْنَعُ عِنْدَهُ مَا يَصْنَعُ أَهْلُهُ: تَطُوفُ بِهِ وَتُعَظّمُهُ وَتُكْرِمُهُ، وَتَحْلِقُ رَأْسَك عِنْدَهُ وَتَذِلّ لَهُ، حَتّى تَخْرُجَ مِنْ عِنْدِهِ، قَالَ: فَمَا يمنعكما أنتما من ذلك؟ قالا: أَمَا وَاَللهِ إنّهُ لَبَيْتُ أَبِينَا إبْرَاهِيمَ، وَإِنّهُ لَكَمَا أَخْبَرْنَاك، وَلَكِنّ أَهْلَهُ حَالُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ بالأوثان التى نصبوها حوله، وبالدماء التى يهريقون عِنْدَهُ، وَهُمْ نَجَسٌ أَهْلُ شِرْكٍ- أَوْ كَمَا قَالَا لَهُ- فَعَرَفَ نُصْحَهُمَا وَصِدْقَ حَدِيثِهِمَا فَقَرّبَ النّفَرَ مِنْ هُذَيْلٍ، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، ثُمّ مَضَى حَتّى قَدِمَ مَكّةَ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ، وَنَحَرَ عِنْدَهُ، وَحَلَقَ رَأْسَهُ وَأَقَامَ بِمَكّةَ سِتّةَ أَيّامٍ- فِيمَا يَذْكُرُونَ- يَنْحَرُ بِهَا لِلنّاسِ، وَيُطْعِمُ أَهْلَهَا، وَيَسْقِيهِمْ الْعَسَلَ، وَأُرَى فِي الْمَنَامِ أَنْ يَكْسُوَ البيت، فكساه الخصف
ــ
فَقَالَا لَهُ: تُبْ إلَى اللهِ مِمّا نَوَيْت فَإِنّهُ بَيْتُ اللهِ وَحَرَمُهُ، وَأَمَرَاهُ بِتَعْظِيمِ حُرْمَتِهِ فَفَعَلَ فَبَرِئَ مِنْ دَائِهِ، وَصَحّ مِنْ وَجَعِهِ. وَأَخْلِقْ بِهَذَا الْخَبَرِ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا فَإِنّ اللهَ- سُبْحَانَهُ- يَقُولُ: «وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ» الْحَجّ: ٢٥. أَيْ: وَمَنْ يُسْهِمُ فِيهِ بِظُلْمِ. وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ: بِظُلْمِ تَدُلّ عَلَى صِحّةِ الْمَعْنَى، وَأَنّ مَنْ هَمّ فِيهِ بِالظّلْمِ- وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ- عُذّبَ تَشْدِيدًا فِي حَقّهِ وَتَعْظِيمًا لِحُرْمَتِهِ، وَكَمَا فَعَلَ اللهُ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ أَهْلَكَهُمْ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ: فَكَسَا الْبَيْتَ الْخَصَفَ. جَمَعَ: خَصَفَةً، وَهِيَ شئ يُنْسَجُ مِنْ الْخَوْصِ وَاللّيفِ، وَالْخَصَفُ أَيْضًا: ثِيَابٌ غُلَاظٌ. وَالْخَصَفُ لُغَةٌ فِي الْخَزَفِ فِي كِتَابِ الْعَيْنِ. وَالْخُصْفُ بِضَمّ الْخَاءِ وَسُكُونِ الصّاد هُوَ: الْجَوْزُ.
وَيُرْوَى أَنّ تُبّعًا لَمّا كَسَا الْبَيْتَ الْمُسُوحَ وَالْأَنْطَاعَ. انْتَفَضَ الْبَيْتَ فَزَالَ ذَلِكَ عَنْهُ، وَفَعَلَ ذَلِكَ حِينَ كَسَاهُ الْخَصَفَ، فَلَمّا كَسَاهُ الملاء والوصائل قبلها.
1 / 175