روض انف
الروض الأنف في شرح السيرة النبوية
ناشر
دار إحياء التراث العربي
ایڈیشن
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٢ هـ
پبلشر کا مقام
بيروت
علاقے
•مراکش
سلطنتیں
المرابطون یا المراوطون
وَهَذَا الْحَيّ مِنْ الْأَنْصَارِ يَزْعُمُونَ أَنّهُ إنّمَا كَانَ حَنَقُ تُبّعٍ عَلَى هَذَا الْحَيّ مِنْ يَهُودَ الّذِينَ كَانُوا بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، وَإِنّمَا أَرَادَ هَلَاكَهُمْ، فَمَنَعُوهُمْ مِنْهُ، حَتّى انْصَرَفَ عَنْهُمْ، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي شِعْرِهِ:
حَنَقًا عَلَى سِبْطَيْنِ حَلّا يَثْرِبَا ... أَوْلَى لَهُمْ بِعِقَابِ يَوْمٍ مُفْسِد
قَالَ ابن هشام: الشعر الذى فيه هَذَا الْبَيْتِ مَصْنُوعٌ، فَذَلِكَ الّذِي مَنَعَنَا مِنْ إثباته.
ــ
مَعْنَى قَوْلِ الشّاعِرِ: دَائِبٌ مَلَوَاهُمَا. وَالْمَلَوَانِ: اللّيْلُ والنهار. وهو مشكل؛ لأن الشئ لَا يُضَافُ إلَى نَفْسِهِ. لَكِنّهُ جَازَ هَهُنَا لِأَنّ الْمَلَا هُوَ:
الْمُتّسَعُ مِنْ الزّمَانِ وَالْمَكَانِ، وَسُمّيَ اللّيْلُ وَالنّهَارُ: مَلَوَيْنِ، لِانْفِسَاحِهِمَا، فَكَأَنّهُ وَصْفٌ لَهُمَا، لَا عِبَارَةَ عَنْ ذَاتَيْهِمَا؛ وَلِذَلِكَ جَازَتْ إضَافَتُهُ إلَيْهَا، فَقَالَ:
دَائِبٌ مَلَوَاهُمَا أَيْ: مُدّاهُمَا وَانْفِسَاحُهُمَا. وَقَدْ رَأَيْت مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ فِي هَذَا الْبَيْتِ بِعَيْنِهِ لِأَبِي عَلِيّ الفسوري فِي بَعْضِ مَسَائِلِهِ الشّيرَازِيّةِ.
وَقَوْلُهُ: لَا يَكُنْ قَدَرُهُ. دُعَاءُ عَلَيْهِ: وَالْهَاءُ عَائِدَةٌ عَلَى عَمْرٍو. أَرَادَ لَا يَكُنْ قَدَرٌ عَلَيْهِ. وَحُذِفَ حَرْفُ الْجَرّ، فَتَعَدّى الْفِعْلُ، فَنَصَبَ، وَلَا يَجُوزُ حَذْفُ حَرْفِ الْجَرّ فِي كُلّ فِعْلٍ، وَإِنّمَا جَازَ فِي هَذَا، لِأَنّهُ فِي مَعْنَى: اسْتَطَاعَهُ، أَوْ أَطَاعَهُ، فَحَمَلَ عَلَى مَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ، وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ، وَالْبَيْتُ الّذِي أَنْشَدَهُ:
لَيْتَ حَظّي مِنْ أَبِي كَرِبٍ «١» ... أَنْ يَسُدّ خيره خبله
(١) هو ابن ملك كرب يهأ من الذى كان على اليمن سنة ٣٧٨ للميلاد، وقد تولى أبو كرب الملك من سنة ٤٠٠ بعد الميلاد حتى حوالى سنة ٤١٥ أو ٤٢٠-
1 / 172