============================================================
جميع البلاد مبلغا يخرج عن الحصر والتعداد ثم إن كثيرا من المنكرين لو رأوا الأولياء والصالحين يطيرون فى الهواء لقالوا هذا سحر أو قالوا هؤلاء شياطين ولا شك أن من حرم التوفيق فكذب بالحق غيبا وحدسا كذب به عيانا وحسا كما قال الله تعالى وهو أصدق القائلين : ولو نزلنا عليك كتابا فى قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر ميين}(1) .
فواعجبا كيف ينسب السحر وفعل الشياطين إلى الأولياء المقربين والأبرار الصالحين الزاهدين العابدين الصابرين الشاكرين الخائفين الراجين المتقين الورعين المتوكلين الراضين المخبتين العارفين المطهرين من الصفات المذمومات المتحلين بمحاسن الصفات المحمودات المتخلقين بأخلاق المولى جل وعلا المشمرين فى طاعة الله تعالى المتأدبين بآداب الشريعة الشريفة والسنة الغراء المرتفعين عن حضيض الرخص إلى معالى عزائم ذروة العلا المقبلين على المولى المعرضين عن الدنيا بل وعن الأخرى الذين كنست بنتقوسهم المزرابل لما أماتوها لتحيا فأحياها الحى القيوم وجمال جلاله لقلوبهم تجلى لما جاهدوا فى الله حق جهاده الجز لهم ما وعهم بقوله تبارك وتعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}(2) فياليت شعرى من م اولى بهذه الآية وبقوله تعالى وبشر المخبتين الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} (2) وبقوله سبحانه إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلويهم وإذا تليت عليهم آيائه زادتهم ليمانا وعلى ربهم يتوكلون} (4) . وبقوله عز وجل : لإنه ليس له سلطان على الذين أمنوا وعلى ربهم يتوكلون}(4). ويقول رسول الله فى الصحيحين (الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون) وهل هؤلاء أهل العزائم أم هم المترخصون . وبقوله اشعث أغبر الحديث الصحيح المشهور . وبقوله لما راى مصعب بن عمير رضى الله عنه متجردا فى إهاب كبش دعاه حب الله ورسوله إلى ما ترون . وبقوله لما سيل عن الإحسان (أن تعبد الله كانك تراه فإن لم تكن تراء فانه يراك) الحديث الصحيح المشهور وعلى هذا إلا للمراقين الحاضرين . وبقوله إن البذاءه من الإيمان يعنى بها رثاثة الهيئة وترك فاخر اللباس وهل هذا إلا للمتقشفين الزاهدين وغير ذلك كحديث أويس رضى الله عنه وما كان فيه من رثاثة الحال والتوحش والانعزال وغير ذلك مما لا يمكن فيه الاستيعاب ولا يسع بعضه (2) سورة العنكبوت الآية 19.
(1) سورة الأنعام الآية 7.
(4) سورة الانفال الآية 2.
(3) سورة الحج 34 : 35.
(5) سورة النحل: الآية 99 .
بوض الرياحين م
صفحہ 35