[2_2]
وإيجاد الكمالات في عالم الشهادة، وهو الذي حصلت بشرف ذاته إلى أرباب الأدب أنواع المكارم وأصناف السعادة. نور العالم. مادة حياة أبينا آدم، محمد صلى الله عليه وسلم. وعلى آله الذين تفتحت لهم كمائم زهره الوضاح، وتحلت عقود عهودهم النيرة في كل مصباح. وصحبه الذين اكتسبت منهم أيدي المنى بشاشة الأرواح. ولا زال وبل الرحمة متقاطرا عليهم، ولا برحت ديمة اللطف منساقة إليهم، ما لفظت الأقلام بدائع الحكم، وظهر الأدب ظهور النار على علم.
وبعد، فيقول العبد الفقير إلى لطف ربه الغني، عثمان الملقب بعصام الدين بن علي بن مراد بن عثمان العمري الموصلي: أني منذ رتعت وعلمت نفسي، وبرعت وميزت بين يومي وأمسي. يعني منذ لفظني المهد وكنت صبيا، إلى أن صرت في مدائن الأدب هاديا والى معالمها مهديا، ارضع من ثديه ما در وحلا، وساغ مذاقه لكل الملأ. فاركب من متونه كل صعب وذلول، وأطرق من مسالكه الوعرة شعاب الأطواد والتلول. حتى اهتديت إلى ناهج طريقه الأقوم، وعبرت إلى معارج تدقيقه الأجسم. فما عبرت طريقا من طرقه إلا وأنا العابث في وهاده، ولا اجتمع اثنان إلا وأنا الثالث في عقد عداده. فكل روض له بنا ازهر، وكل ليل له بضيائنا أقمر. أنسر بمعطاة أقداحه كل حين، والتقط من فرائد نثاره النفيس والثمين. فأنا نسيم روضها العاطر العليل، وسلسبيل حوضها الماطر البليا. وديمتها الهاطلة الماطرة، وسحابتها المتقاطرة الزاخرة متولعا باكتساب فوائدها التي لا تحصى، ومعتنيا بانتخاب عوائدها التي لا تستقصي. ففي ذلك الوجد الوافر، والشغف الذي ما له آخر. كنت أتضوع بنفيس طيبه، وأتغزل برقيق النظم وتشبيبه. وانظم فيه عقدا وجمانا، واستخرج من قعر بحاره لؤلؤا ومرجانا. فكل يوم بواد، وكل حين بناد.
لنا نفوس لنيل المجد عاشقة ... ولو تسلت أسلناها على الأسل
صفحہ 2