هذا كتاب روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان للعالم الرباني الشهيد الثاني ره بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي الحمد لله المتفضل بشرح معالم شريعته لارشاد الأنام المتطول بإرسال الرسل لتبريز الاحكام وتميز الحلال عن الحرام مكمل من اختارهم من خلقه بالقيام بوظائف هذا المرام وجاعل أقدامهم واطئة على أجنحة ملائكته الكرام ومرجح مدادهم يوم القيام على دماء الشهداء الاعلام أحمده سبحانه وأشكره و أتوب إليه واستغفره من جميع الآثام وأصلي وأسلم على نبيه الذي شيد وأحكم الاحكام أشد تشييد و أحكم أحكام محمد الذي أزاح بنور غرته غياهب الظلام وأدأب نفسه الشريفة في تبليغ رسالة الملك العلام ودعى بشريعته المقدسة إلى دار السلام وعلى آله الغر الكرام أئمة الاسلام وحفظة الشرع الكريم عن تطرق الأوهام صلاة وسلاما لا انقضاء لهما ولا انفصام ما تعاقب الليالي والأيام وتناوب الشهور والأعوام وبعد فهذا تعليق مختصر كافل بالامداد للمشتغلين بكتاب الارشاد حققت فيه مقام المقال حسب مقتضى الحال معرضا عن تطويل العبارة بالقيل والقال مكتفيا في الغالب بالجواب عن السؤال راجيا في تلك وجه الله الكريم وثوابه الجسيم والتقرب إلى نبيه محمد وآله عليهم أفضل الصلاة والتسليم معترفا بالقصور عن شاؤ هذا الشأن وبأن الانسان محل الخطاء والنسيان ما خلا الذوات المقدسة الذين هم أعيان الانسان وأي كلام لا يتأتى عليه كلام حاشا كلام الملك العلام وأنبيائه وأوصيائه عليهم السلام مع إني أرجو ممن اشتمل على الانصاف إهابه وقل في سبيل الحسد ذهابه وقليل ما هم أن يحمد منى ما يجده في مطاويه ويشكر سعيي عند وقوفه على دقائق مودعة فيه لا يجدها إذا أرادها في كتاب ولا يتبهج بها إلا المتقون من أولى الألباب والله يحق الحق بكلماته ويبطل الباطل ولو كره المبطلون هذا مع تقسم البال وتقلقل الحال من تراكم أمواج فتن وأهوال وعلى الله قصد السبيل وإرشاد الدليل وهو حسبي ونعم الوكيل إعلم أن العلماء رضوان الله عليهم قد استقر أمرهم على أن يبتدؤا في مصنفاتهم بتسمية الله تعالى وتحميده اقتداء بخير الكلام كلام الملك العلام واستدلالا بأحاديث وردت عن رسوله وآله عليهم السلام فسلك المصنف ره هذا النهج القويم وقال بسم الله الرحمن الرحيم وتوهم التنافي بين مشهوري خبري البسملة والحمدلة الذين أحدهما قوله صلى الله عليه وآله كل أمر ذي بال لم يبدء فيه ببسم الله فهو أبتر والثاني كل أمر ذي بال لم يبدء فيه بحمد الله فهو
صفحہ 2
أجذم باعتبار أن الابتداء بمدلول أحدهما يوجب تأخير الاخر يندفع بأن الابتداء هو التقديم على المقصود الذاتي وهو مسائل الفن والخطبة بأجمعها مقصودة بالعرض والمحل متسع أو بأن الابتداء حقيقي وإضافي فالحقيقي حصل بالبسملة والإضافي بالحمدلة فهو مبتدء به بالإضافة إلى ما بعده أو أن الحمد هو الثناء بنعوت الكمال واسم الله المتعال منبئ عن صفات الاكرام ونعوت الجلال فالابتداء بالتسمية يستلزم العمل بالخبرين جميعا والمراد بالأمر ذي البال ما يخطر بالقلب من الأعمال جليلة كانت أم حقيرة فإن أفعال العقلاء تابعة لقصودهم ودواعيهم المتوقفة على الخطور بالقلب والأبتر يطلق على المقطوع مطلقا وعلى مقطوع الذنب وعلى ما لا عقب ولا نتيجة له وعلى ما انقطع من الخير أثره والمعنى على الأول والأخير إن ما لا يبتدء فيه من الأمور بالتسمية مقطوع الخير والبركة وعلى الثاني يراد به الغاية الحاصلة من البتر وهي النقص وتشويه الخلقة ونقص القدر وفي تخصيص الوصف بالآخر مع أن الفايت مع عدم التسمية الأول إشارة إلى بقاء اعتبار ما لا تسمية فيه في الجملة وإن كان ناقصا بخلاف ناقص الرأس مثلا فإنه لا بقاء له والكلام في الثالث نحو الكلام في الأول والأخير فإن ما لا نتيجة له ولا عقب ناقص البركة مضمحل الفائدة منقطع الخير والتعبير بالابتداء الصادق على القول والكتابة يدخل فيه ابتداء العلماء بها كتابة وابتداء الصناع بها قراءة فسقط ما قيل أنه إن أراد بالابتداء القراءة لم يكن فيه دلالة على الاجتزاء بالكتابة فلا يتم تعليلهم ابتداء التصنيف بها لان الكتابة لا تستلزم القراءة وإن أريد الكتابة لم يحصل امتثال النجار ونحوه للخبر حتى يبتدئ أولا فيكتب بسم الله إلخ لاندفاع ذلك بالتعبير بالابتداء على وجه كلي نعم ربما استفيد من القرائن الحالية اختصاص كل أمر بما يناسبه من فردي الابتداء فلا يكفي الكتابة لمريد النجارة مثلا والباء في بسم الله أما صله لا يحتاج إلى ما تتعلق به أو للاستعانة أو للمصاحبة متعلقة بمحذوف اسم فاعل خبر مبتدأ محذوف أي ابتداي ثابت باسم الله أو فعل أو حال من فاعل الفعل المحذوف أي ابتداي متبركا أو مستعينا أو مصدر مبتدأ خبره محذوف أي ابتداي باسم الله ثابت ونحوه ولا يضر على هذا حذف المصدر وإبقاء معموله لأنه يتوسع في الظرف والجار والمجرور ما لا يتوسع في غيرهما وتقديم المعمول هنا أوقع كما في قوله تعالى بسم الله مجراها وإياك نعبد ولأنه أهم وأدل على الاختصاص وأدخل في التعظيم وأوقف للوجود وإنما كسرت الباء ومن حق الحروف المفردة أن تفتح لاختصاصها بلزوم الحرفية والجر كما كسرت لام الامر ولام الجر إذا دخلت على المظهر للفرق بينها وبين لام التأكيد والاسم مشتق من السمو حذفت الواو من آخره وزيدت همزة الوصل في أوله لأنها من الأسماء العشرة التي بنوا أوائلها على السكون وسمى اسما لسموه على مسماه وعلوة على ما تحته من معناه وقيل أصله وسم وهو العلامة والأول أولى بدليل تصغيره على سمى وجمعه على أسماء ولأن بينه وبين أصله على الأول مناسبة لفظية ومعنوية بخلاف الثاني فإنها معنوية فقط وإنما علق الجار على الاسم مع إن المعنى إنما يراد تعلقه بالمسمى للاشعار بعدم اختصاص التعلق بلفظ الله لا غير لأنه أحد الأسماء وللتحرز من إيهام القسم ولقيام لفظ الله مقام الذات في الاستعمال ومن ثم يقال الرحمن والرحيم وغيرهما اسم من أسماء الله ولا ينعكس ولجريان باقي الأسماء صفة له من غير عكس والله اسم للذات الواجب الوجود الخالق لكل شئ وهو جزئي حقيقي لا كلي انحصر في فرد وإلا لما أفاد قولنا لا إله إلا الله التوحيد لان المفهوم الكلى من حيث هو محتمل للكثرة وعورض بقوله تعالى قل هو الله أحد فإن الله لو كان جزئيا حقيقيا لما حسن الاخبار عنه بالأحدية للزوم التكرار ويجاب بأن
صفحہ 3
الجزئي إنما ينفى الكثرة الخارجية والتعدد الذاتي كزيد مثلا وهو مرادف للواحد فليس فيه إلا نفى الشريك المماثل مع جواز الكثرة بحسب أجزائه وصفاته بخلاف الأحد فإنه يقتضى نفى التعدد والكثرة (والتكثر خ ل) فيه مطلقا حتى في الصفات فإنها اعتبارات ونسب لا وجود لها في الخارج كما قال علي عليه السلام وكمال الاخلاص له نفى الصفات عنه سلمنا لكن المعارضة إنما تتم لو جعلنا هو ضمير الشأن والله أحد مبتدأ وخبرا في موضع خبر هو وليس ذلك متعينا لجواز كون هو مبتدءا واحد بمعنى المسؤول عنه لأنهم قالوا ربك من نحاس أم من ذهب فعلى هذا يجوز أن يكون الله خبر المبتدأ واحد بدلا وحينئذ فلا يلزم من تساويهما في المعنى انتفاء كونه جزئيا حقيقيا والرحمن الرحيم إسمان بنيا للمبالغة من رحم بتنزيله منزلة اللازم أو بجعله لازما ونقله إلى فعل بالضم والرحمة لغة رقة القلب وانعطاف يقتضى الاحسان فالتفضل غايتها وأسماؤه تعالى المأخوذة من نحو ذلك إنما تؤخذ باعتبار الغاية دون المبدء فالرحمة في حقه تعالى معناها إرادة الاحسان فتكون صفة ذات أو الاحسان فتكون صفة فعل فهي أما مجاز مرسل في الاحسان أو في إرادته وأما استعارة تمثيلية بأن مثلت حاله تعالى بحالة ملك عطف على رعيته ورق لهم فغمرهم معروفه فأطلق عليه الاسم وأريد به غايته التي هي فعل لا مبدؤه الذي هو انفعال والرحمن أبلغ من الرحيم لان زيادة المباني تدل على زيادة المعاني كما في قطع وقطع وكبار وكبار وتقض بحذر فإنه أبلغ من حاذر وأجيب بأن ذلك أكثري لا كلي وبأنه لا تنافى أن يقع في الأنقص زيادة معنى بسبب آخر كالالحاق بالأمور الجبلية كشره ونهم وبأن الكلام فيما إذا كان المتماثلان في الاشتقاق متحدي النوع في المعنى كغرث وغرثان وصد وصديان لا كحذر وحاذر للاختلاف وإنما قدم والقياس يقتضى الترقي من الأدنى إلى الأعلى كقولهم عالم نحرير وجواد فياض لأنه صار كالعلم من حيث أنه لا يوصف به غيره أو أنه صفة في الأصل لكنه صار علما بالغلبة كما اختاره جماعة من المحققين قال ابن هشام ومما يوضح أنه غير صفة مجيئه كثيرا غير تابع نحو الرحمن علم القرآن قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن انتهى وفيه إمكان بناء ذلك على حذف الموصوف وإبقاء الصفة كقوله تعالى أن أعمل سابغات وأرسلنا رسلنا بالبينات ويرجح الأول مجازية الاضمار ويبتنى على علميته أنه بدل لا نعت وإن الرحيم بعده نعت له لا للاسم دونه إذ لا يتقدم البدل على النعت الحمد وهو لغة الثناء باللسان على الجميل الاختياري على جهة التعظيم فخرج بالجميل الثناء على غيره على قول بعضهم إن الثناء حقيقة في الخير والشر وعلى رأى الجمهور أنه حقيقة في الخير فقط ففائدة ذكر ذلك تحقيق الماهية أو دفع توهم إرادة الجمع بين الحقيقة والمجاز عند مجوزه من الأصوليين وبالاختياري المدح فإنه يعم الاختياري وغيره عند الأكثر وعلى القول بالاخوة بمعنى الترادف يحذف القيد ليعم وعلى جهة التعظيم يخرج ما كان على جهة الاستهزاء أو السخرية كذق إنك أنت العزيز الكريم ويتناول الظاهر والباطن إذ لو تجرد عن مطابقة الاعتقاد أو خالفه أفعال الجوارح لم يكن حمدا بل هو تهكم أو تمليح وهذا لا يقتضى دخول الجوارح والجنان في التعريف لأنهما اعتبرا فيه شرطا لا شطر أو نقض في عكسه بالثناء على الله تعالى بصفاته الذاتية فإنها ليست اختيارية وأجيب بأنه يتناولها تبعا أو أنها منزلة منزلة أفعال اختيارية حيث إن ذاته اقتضت وجودها على ما هي عليه أو أنها مبدأ أفعال اختيارية فالحمد عليها باعتبار تلك الأفعال فالمحمود عليه اختياري في المال تنزيلا للمسبب منزلة السبب والكل تكلف والحمد عرفا فعل ينبي عن تعظيم المنعم من حيث أنه منعم على الحامد أو غيره سواء كان باللسان أم بالجنان أم بالأركان والشكر
صفحہ 4
لغة هو هذا الحمد وعرفا صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه إلى ما خلق لأجله والمدح لغة الثناء باللسان على الجميل مطلقا على جهة التعظيم وعرفا ما يدل على اختصاص الممدوح بنوع من الفضائل نبين كل من الستة والبقية نسبة أما تباين كالحمد اللغوي لا بالنظر إلى شرطه والمدح اللغوي مع الشكر العرفي لصدقهما بالثناء باللسان فقط والشكر إنما يصدق بذلك مع غيره أو تساو كالحمد العرفي مع الشكر اللغوي أو عموم وخصوص مطلق كالحمد اللغوي مع كل من المدحين لصدقه بالاختياري فقط وصدقهما به وبغيره أو مع الشكر العرفي بالنظر إلى شمول متعلق الحمد لله تعالى ولغيره واختصاص متعلق الشكر به تعالى وكالشكر اللغوي مع الشكر العرفي وكذا بين المدحين وبين الحمد والشكر العرفيين وبين الشكر والمدح كك وبين الحمد والمدح كك وبين الشكر اللغوي والمدح العرفي أو عموم من وجه كالحمد اللغوي مع العرفي لصدقهما بالثناء باللسان في مقابلة نعمة وانفراد اللغوي لصدقه بذلك في غيرها والعرفي لصدقه بغير اللسان فمورده أعم ومتعلقه أخص واللغوي عكسه أو مع الشكر اللغوي كان وكالحمد العرفي والشكر اللغوي مع المدح اللغوي لاجتماعهما معه في الثناء باللسان على النعمة وانفرادهما عنه أصدقهما بغير اللسان وانفراده عنهما لصدقه بغير النعمة فمورده أخص ومتعلقه أعم وهما بالعكس واعلم أن نقيض الحمد الذم والشكر الكفران والمدح الهجو والثناء النثاء بتقديم النون لله الجار والمجرور ظرف مستقر مرفوع المحل على أنه خبر لقوله الحمد وهو في الأصل ظرف لقوله لأنه من المصادر التي تنصب بأفعال مضمرة كقولهم شكرا وكفرا فكان في الأصل أحمد حمد الله وإنما عدل من النصب إلى الرفع ليدل على ثبات المعنى واستقراره ومنه قوله تعالى قالوا سلاما قال سلام فزاد إبراهيم عليه السلام تحيته بالرفع لتكون أحسن واللام في الحمد للاستغراق عند الجمهور وللجنس عند الزمخشري ولا فرق هنا لان لام لله للاختصاص فلا فرد منه لغيره وإلا لوجد الجنس في ضمنه فلا يكون الجنس مختصا به وللحقيقة عند بعضهم بمعنى أن حقيقة الحمد وطبيعته ثابتة لله وللعهد عند آخرين وأجازه الواحدي بمعنى إن الحمد الذي حمد الله به نفسه وحمده به أنبياؤه وأوليائه مختص به والعبرة بحمد من ذكر وإنما قدم الحمد لاقتضاء المقام مزيد اهتمام به وإن كان ذكر الله أهم في نفسه ولأن فيه دلالة على اختصاص الحمد به وجملة الحمد خبرية لفظا انشائية معنى لحصول الحمد بالتكلم بها ويجوز أن تكون موضوعة شرعا للانشاء المتفرد بالتاء المثناة من فوق والراء المشددة بعد الفاء ويحتمل على ضعف أن يكون بالنون مع تخفيف الراء وإنما رجح الأول ليناسب ففتح بقية الفقرات كالمتنزه والمتفضل والمتطول ولأنه يقتضى المبالغة في الوصف لما مر من أن زيادة البناء تدل على زيادة المعنى بالقدم فلا أول لوجوده ولا يشركه فيه شئ وهذا الوصف يستدعى كمال قدرته وعلمه لان مشاركة غيره له فيه موجبة لواجبيته النافية لذلك ويندرج فيه باقي الصفات الثبوتية لزوما وفيه تكذيب للقائل بقدم الأجسام السمائية كأرسطو وللقائل بأن مادة العالم قديمة كسقراط على اختلاف في تلك المادة والدوام الذاتي فلا آخر لوجوده ولا يشركه فيه شئ والتقييد بالذاتي يخرج أهل الجنة فإنهم مشاركونه فيه لكن دوامهم ليس ذاتيا وهذا القيد ليس من لوازم صفاته تعالى وإن لم يصرح به فإنها أمور اعتبارية ومرجعها حقيقة إلى الذات المقدسة وربما يقال في دفع المشاركة أيضا إن المراد انفراده تعالى بالقدم والدوام معا يجعل الواو بمعنى مع وأهل الجنة لا يشاركون في الأول والأول أولى وأولوية تقديم هذه الفقرة على ما بعدها مبنى على أشرفية
صفحہ 5
الصفات الثبوتية على السلبية بناء على أنها وجودية والوجود أشرف من العدم وفيه بحث في محل يليق به ولا يخفى خلو افتتاح المقال من براعة الاستهلال المتنزه من النزاهة بفتح النون وهي البعد أي المتباعد عن مشابهة الاعراض والأجسام لحدوثهما والله تعالى قديم واجب الوجود كما برهن عليه في محله وتعبيره بالبعد عن المشابهة كناية عن نفى المشابهة أصلا إلا أن بينهما مشابهة بعيدة وهذه قاعدة معروفة من قواعد العرب يعبرون بهذا وما جرى مجراه ومرادهم بذلك المبالغة في النفي وتأكيده ومن القاعدة قولهم فلان بعيد عن الخنا وغير سريع إليه قال المرتضى رضي الله عنه يريدون أنه لا يقرب الخناء لا نفى الاسراع إليه حسب وهكذا القول في البعد عن المشابهة في كلام المصدر يراد به عدمها أصلا لا حصولها على بعد قال رحمه الله ومنها قوله تعالى الذي رفع السماء بغير عمد ترونها ولا تكونوا أول كافر به ولا يسئلون الناس إلحافا ومن كلامهم فلان لا يرجا خيره وليس مرادهم أن فيه خيرا لا يرجا وإنما غرضهم أنه لا خير عنده على وجه من الوجوه وقول بعضهم لا يفزع الأرنب أهوالها ولا يرى الضب بها ينحجر أراد ليس بها أهوال تفزع الأرنب ولا ضب بها فينحجر وقول الاخر من أناس ليس في أخلاقهم عاجل الفحش ولا سوء الجزع لم يرد أن في أخلاقهم فحشاء آجلا ولا جزعا غير سئ وإنما أراد نفى الفحش والجزع عن أخلاقهم ونظائر ذلك كثيرة في كلامهم وفي هذه الفقرة إشارة إلى سائر صفاته السلبية إجمالا المتفضل أي المحسن ومجيئه بصيغة التفعل مبالغة فيه كما سبق بسوابغ الانعام أي بالانعام السوابغ وأضاف الصفة إلى موصوفها مراعاة للفاصلة وجرى في ذلك على مذهب الكوفيين كجرد قطيفة وإخلاق ثياب وعند المانعين من إضافة الصفة إلى الموصوف يؤل هنا بما أول به تلك الأمثلة بأنهم حذفوا الانعام هنا حتى صارت السوابغ كأنها اسم غير صفة فلما قصدوا تخصيصه كونه صالحا لان يكون الانعام وغيرها مثل خاتم في كونه صالحا لا يكون فضة وغيرها أضافوه إلى جنسه الذي يتخصص به كما أضافوا خاتما إلى فضة فليس إضافته إليها من حيث أنه صفة لها بل من حيث أنه جنس مبهم أضيف إليها ليتخصص وعلى هذا القياس نظائر كثيرة والسوابغ جمع كثرة لسابغة وهي التامة الكاملة قال الجوهري يقال شئ سابغ أي كامل واف وسبغت النعمة تسبغ بالضم سبوغا أي اتسعت وأسبغ الله عليه النعمة أي أتمها ومنه إسباغ الوضوء إتمامه والانعام جمع قلة لنعمة وهي لغة اليد والصنيعة والمنة وعرفا هي المنفعة الحسنة الواصلة إلى الغير على جهة الاحسان إليه وهي أما ظاهرة أو باطنة قال الله تعالى وأسبغ عليكم نعمة ظاهرة وباطنة وربما تخص الباطنة باسم الآلاء والعموم هنا أبلغ المتطول من الطول بالفتح وهو المن يقال طال عليه وتطول عليه إذا امتنن عليه أي الممتن بالفواضل جمع فاضلة وهي الاحسان وأبلغ في وصفه مع إتيانه بجمع الكثرة بقوله الجسام بالكسر أي العظام جمع جسيم يقال جسم الشئ أي عظم فهو جسيم وجسام بالضم وإنما ترك ذكر للتفضل والمتطول عليه لكون الفرض إثبات الوصف له على الاطلاق ثم مقام الخطابة يفيد العموم في إفراد من يصلح تعلقه به أو للاختصار مع إرادة التعميم كما تقول قد كان منك ما يؤلم أي كل أحد ومنه قوله تعالى والله يدعو إلى دار السلام أي يدعو كل أحدا ولمجرد الاختصار كقولك أصغيت إليه أي إذني ومنه قوله تعالى أرني أنظر إليك أي إلى ذاتك وقوله تعالى هذا الذي بعث الله رسولا أي بعثه الله أو لغير ذلك مما هو مقرر في محله من فن المعاني أحمده بفتح الميم لان ماضيه حمد بكسرها كعلم يعلم وما في قوله على ما موصولة وصلتها فضلنا والعايد على الموصول الهاء في به ومن في قوله من الاكرام لبيان الجنس وأشار بذلك إلى قوله تعالى ولقد كرمنا بني آدم إلى قوله وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا والذي كرم به بنو آدم على ما اختاره محصلوا المفسرين القوة والعقل والنطق والعلم والحكمة وتعديل القامة والأكل باليد و
صفحہ 6
تسليطهم على غيرهم وتسخير سائر الحيوانات لهم وأنهم يعرفون الله وإن جعل محمد صلى الله عليه وآله منهم وغير ذلك من النعم التي خصوا بها ويحتمل أن يريد المصنف ما هو أخص من ذلك وعلى هذا يجوز كون من تبعيضية لكن الأول أمتن وأبدع وأشكره على جميع الأقسام أي الأحوال لأنه تعالى في جميع الحالات لا يفعل إلا لفرض تعود مصلحته على العبد فيستحق الشكر على جميعها وهاتان الفقرتان وإن كانتا خبريتين لفظا لكنهما إنشائيتان معنى فإن الانشاء أكثر فائدة وأعم نفعا وأقوى حمدا وشكرا ولما فرغ من حمد الله والثناء عليه مما هو أهله توسل في تحصيل مرامه بالدعاء للأرواح المقدسة المتوسطة بين النفوس الناقصة المنغمسة في الكدورات البشرية وبين المبدء الفياض المتنزه عن شوايب النقص في استفاضة العنايات والأنوار منه وإفاضتها عليها بقوله وصلى الله من الصلاة المأمور بها في قوله تعالى صلوا عليه وسلموا وكان الأحسن أن يقول الصلاة عليه صلى الله عليه وآله بالسلام كما يقتضيه ظاهر الآية لكن أصحابنا جوزوا أن يراد بقوله وسلموا تسليما انقادوا لامره انقيادا كما في قوله فوربك لا يؤمنون إلى قوله ويسلموا تسليما فلذلك سهل الخطب عندهم في أفراد الصلاة عن السلام وإن احتمل أن يراد به التحية المخصوصة لعدم تحتم ذلك والصلاة الدعاء من الله وغيره لكنها منه مجاز في الرحمة كما قال بعضهم وقال آخرون هي منه الرحمة ويرجح الأول إن أراده وإلا لصار المجاز خير من الاشتراك وقوله تعالى أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة فإن العطف يقتضى المغايرة وربما يرد هذا على الأول أيضا لكن يمكن دفعه بأن التصريح بالحقيقة بعد إرادة المجاز تفيد تقوية المدلول المجازى ولجأ بعضهم إلى أنها من الله تعالى بمعنى الرضوان حذرا من ذلك والأولى في الجواب عن ذلك المنع من اختصاص العطف بلزوم المغايرة فإن من أنواع الواو العاطفة عطف الشئ على مرادفه كما ذكره ابن هشام في المغنى وذكر من شواهده قوله تعالى أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وقوله تعالى إنما أشكو بثي وحزني إلى الله ونحو لا ترى فيها عوجا ولا أمتا وقوله صلى الله عليه وآله ليأتني منكم ذووا الأحلام والنهى وقول الشاعر وألفي قولها كذبا ومينا وهذه الجملة إنشائية معنى لان الدعاء كله من قبيل الانشاء ووقوعه بصيغة المضي للتفاؤل بحصول المسؤول والحرص على وقوعه ولمناسبة المقام فلا إشكال في عطفها على ما قبلها من هذا الوجه نعم تخالف جملة الحمد الأولى في كونها فعلية وفي عطفها على الاسمية كلام والحق جوازه وإن كان مرجوحا ولو جعلت الواو للاستيناف صح أيضا إلا أنه لا ضرورة إليه على سيدنا محمد عطف بيان على سيدنا أو بدل منه على ما اختاره ابن مالك من أن نعت المعرفة إذا تقدم عليها أعرب بحسب العوامل وأعيدت المعرفة بدلا وصار المتبوع تابعا كقوله تعالى إلى صراط العزيز الحميد الله على قراءة الجر ومحمد علم منقول من اسم المفعول المضعف للمبالغة سمى به نبينا عليه الصلاة والسلام إلهاما من الله تعالى وتفاؤلا بأنه يكثر حمد الخلق له لكثرة خصاله الحميدة وقال الجوهري المحمد الذي كثرت خصاله المحمودة وقد ورد أنه قيل لجده عبد المطلب وقد سماه في سابع ولادته لموت أبيه قبلها لم سميت ابنك محمدا وليس من أسماء آبائك ولا قومك قال رجوت أن يحمد في السماء والأرض وقد حقق الله رجاءه النبي بالهمز من النباء وهو الخبر لان النبي مخبر عن الله تعالى ويجوز ترك الهمز وهو الأكثر أما تخفيفا من المهموز بقلب همزته ياء وأما لان أصله من النبوة بفتح النون وسكون الباء أي الرفعة لان النبي مرفوع الرتبة على غيره من الخلق وهو انسان أوحى إليه بشرع وإن لم يؤمر بتبليغه فإن أمر بذلك فرسول أيضا فهارون رسول على الأول دون الثاني ويوشع غير رسول عليهما وقيل أنهما بمعنى
صفحہ 7
وإطلاق الرسول على الملك غير مستعمل هنا فعموم الرسول من هذه الجهة غير مراد المبعوث أي المرسل إلى الخاص وهم أهله وعشيرته أو العلماء أو من كان في زمانه والعام وهو في مقابلة الخاص بالاعتبارات الثلث وهي مترتبة في القوة ترتبها في اللفظ وعلى عترته وهم الأئمة الاثنا عشر وفاطمة عليهم السلام قال الجوهري عترة الرجل نسله ورهطه الأدنون فيدخل في الأول من عدا علي عليه السلام ويدخل هو في الثاني الأماجد جمع أمجد مبالغة في ماجد يقال مجد الرجل بالضم فهو مجيد وماجد أي كرم الكرام قال ابن السكيت الشرف والمجد يكونان في الاباء يقال رجل شريف ماجد له آباء متقدمون في الشرف قال والحسب والكرم يكونان في الرجل وإن لم يكن له آباء لهم شرف أما بعدما سبق من الحمد والصلاة وأثر هذه الكلمة للأحاديث الكثيرة إن رسول الله صلى الله عليه وآله يقولها في الخطبة وشبهها رواه عنه اثنان وثلاثون صحابيا وفيه إشارة إلى الباعث على التصنيف كما هو دأبهم وأما كلمة فيها معنى الشرط والتقدير مهما يكن من شئ بعد الحمد والصلاة فهو كذا نص عليه سيبويه ولذلك كانت الفاء لازمة لها قال الشيخ الرضى ره أصل أما زيد فقائم مهما يكن من شئ فزيد قائم أي أن يقع في الدنيا شئ يقع قيام زيد فهذا جزم بوقوع قيامه وقطع به لأنه جعل حصول قيامه لازما لحصول شئ في الدنيا وما دامت الدنيا فلا بد من حصول شئ فيها ثم لما كان الغرض الكلى من هذه الملازمة المذكورة لزوم القيام لزيد حذف الملزوم الذي هو الشرط أعني يكن من شئ وأقيم ملزوم القيام وهو زيد مقام ذلك الملزوم وبقي الفاء بين المبتدأ والخبر لان فاء السببية ما بعدها لازم لما قبلها فحصل لهم من حذف الشرط وإقامة بعض الجزاء موقعه شيئان مقصودان أحدهما تخفيف الكلام بحذف الشرط والثاني قيام ما هو الملزوم حقيقة في قصد المتكلم مقام الملزوم في كلامهم أعني الشرط وحصل أيضا من قيام بعض الجزاء موضع الشرط ما هو المتعارف من شغل خبر واجب الحذف بشئ آخر وحصل أيضا بقاء الفاء متوسطة في الكلام كما هو حقها انتهى وإنما حكيناه ملخصا مع طوله لعظم قدره ومحصوله وبعد من الظروف الزمانية وكثيرا ما يحذف منه المضاف إليه وينوى معناه فيبنى على الضم ويجوز في ضبطها هنا أربعة أوجه ضم الدال وفتحها ورفعها منونة وكذا نصبها ومجموع الكلمتين يسمى بفصل الخطاب وقد اختلف فيمن تكلم بهذه الكلمة أولا فقيل داود وقيل نبينا محمد صلى الله عليه وآله وقيل علي عليه السلام وقيل قيس بن ساعدة وقيل كعب بن لؤي وقيل يعرب بن قحطان وقيل سحبان بن وآيل ولا فائدة مهمة في هذا الخلاف فإن الله سبحانه كما أوجب على الولد طاعة أبويه بقوله ووصينا الانسان بوالديه ونظائرها والمراد بالأبوين الأب والأم وجمعهما باسم أحدهما تغليبا ومراعاة لجانب التذكير كما يراعى جانب الأخف مع التساوي فيه كالحسنين و العمرين ولو تساويا خفة وثقلا جاز جمعهما باسم أيهما كان كالكسوفين والظهرين كذلك أوجب عليهما أي على الأبوين الشفقة عليه بإبلاغ مراده حذف المفعول في الابلاغ إيجاز أو مبالغة وتفخيما لشأن المريد أي بإبلاغه مراده في الطاعات وتحصيل مآربه جمع أرب وفيه خمس لغات وهي الحاجة من القربات وأحدها قربة وهي ما يطلب بها التقرب إلى الله تعالى قرب الشرف لا الشرف ولما حرف وجود لوجود وعند جماعة ظرف بمعنى حين أو بمعنى إذ استعمل استعمال الشرط يليه فعل ماض مقتض جملتين وجدت ثانيتهما عند وجود الأولى والفعل الماضي هنا قوله كثر طلب الولد العزيز وهو هنا الكريم تقول عززت على فلان إذا كرمت عليه محمد بدل من الولد أو عطف بيان عليه أصلح الله له أمر داريه دنياه وآخرته ووفقه للخير التوفيقي جعل الأسباب متوافقة وحاصله توجيه
صفحہ 8
الأسباب بأسرها نحو المسببات ويقال هو اجتماع الشرايط وارتفاع الموانع وأعانه عليه وأمد أي أمهل وطول له في العمر السعيد أي الميمون خلاف النحس وإذا كان الوصف للانسان قال الشقي لكن يختلف فيهما الفعل الماضي فإنه في الأول مفتوح العين وفي الثاني مكسورها قاله الجوهري والعيش الرغيد أي الطيب الواسع يقال عيشة رغد ورغد أي طيبة واسعة لتصنيف متعلق بطلب والتصنيف جعل الشئ أصنافا وتمييز بعضها من بعض كتاب فعال من الكتب وهو الجمع بمعنى المكتوب إلا أنه خص استعماله بما فيه كثرة المباحث يحوي النكت جمع نكتة وهي الأثر في الشئ يتميز به بعض أجزائه عن بعض ويوجب له التفات الذهن إليه كالنقطة في الجسم والأثر فيه الموجب للاختصاص بالنظر ومنه رطبة منكتة إذا بدأ إرطابها (كذا في الصحاح) ثم عدى إلى الكلام والأمور المعقولة التي يختص بعضها بالدقة الموجبة لمزيد العناية والفكر فيها فيسمى ذلك البعض نكتة البديعة وهي فعيلة بمعنى مفعولة وهي الفعل على غير مثال ثم صار يستعمل في الفعل الحسن وإن سبق إليه مبالغة في حسنه فكأنه لكمال حسنه لم يسبق إليه في مسائل جمع مسألة وهي القول من حيث أنه يسئل عنه ويسمى ذلك القول أيضا مبحثا من حيث أنه يقع فيه البحث ومطلوبا من حيث يطلب بالدليل ونتيجة من حيث يستخرج بالحجة ومدعى من حيث أنه يدعى فالمسمى واحد وإن اختلفت العبارات باختلاف الاعتبارات أحكام وأحدها حكم هو بإضافته إلى الشريعة خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع ويدخل في الاقتضاء ما عدا المباح من الأحكام الخمسة ويدخل هو في التخيير وفي الوضع السبب والشرط والعلة والمانع و غيرها من الأحكام الوضعية وبسطه في محله والشريعة فعلية بمعنى مفعولة ما شرعه الله لعباده من الدين و في بعض النسخ في مسائل الشريعة بغير توسط الاحكام على وجه الايجاز والاختصار فالمعنى واحد وهو أداء المقصود بأقل من العبارة المتعارفة بين الأوساط الذين ليسوا في مرتبة البلاغة ولا في غاية الفهاهة خال عن التطويل والاكثار وهما أيضا بمعنى وهو أداء المعنى المقصود بلفظ أزيد من المتعارف بين من ذكر وليس مطلق التطويل والاطناب واقعا على وجه ينبغي العدول عنه بل مع خلوه من النكتة والفائدة الموجبة له حسب مقتضى الحال وإلا فقد يكون مقتضى البلاغة استعماله كما قرر في محله ولما كان الغرض من التصنيف إيصال المعنى إلى فهم المكلف كان التطويل زيادة على ما يحصل به التأدية خاليا عن البلاغة فلا جرم حسن خلو الكتاب من الاطناب فأجبت جواب لما أي كان ما تقدم سببا لإجابة مطلوبه وفي جعل المجاب هو المطلوب ضرب من التعظيم للمجاب وصنفت هذا الكتاب وهذا إشارة إلى المدون في الخارج ويناسبه قوله فأجبت وصنفت فيكون الديباجة بعد التصنيف أو إلى المرتب الحاضر في الذهن والآتيان بصيغة الماضي تفالا بلفظه على أنه من الأمور الحاصلة التي من حقها أن يخبر عنها بأفعال ماضية أو لاظهار الحرص على وقوعه لان الانسان إذا عظمت رغبته في شئ كثر تصوره إياه فيورده بلفظ الماضي تخييلا لحصوله ومن هذا القبيل الدعاء بلفظ الماضي مع أنه من قبيل الانشاء كما هو مقرر في المعاني والتحقيق أنه إشارة إلى المرتب الحاضر في الذهن سواء كان وضع الديباجة قبل التصنيف أم بعده إذ لا حضور للألفاظ المرتبة ولا لمعانيها في الخارج وتوضيح ذلك أن الكتاب المؤلف لا يخلو أما أن يكون عبارة عن الألفاظ المعينة أي العبارات التي من شأنها أن يلفظ بها الدالة على المعاني المخصوصة وهو الظاهر وأما عن النقوش الدالة عليها بتوسط تلك الألفاظ
صفحہ 9
وأما عن المعاني المخصوصة من حيث أنها مدلولة لتلك العبارات أو النقوش فهذه ثلاثة احتمالات بسيطة و تتركب منها ثلاثة أخرى ثنائية ورابع ثلاثي فالاحتمالات سبعة وأنت خبير بأنه لا حضور في الخارج للألفاظ المرتبة ولا لمعانيها ولا لما يتركب منهما ولا لما يتركب من النقوش معهما أو مع أحدهما وهذا كله واضح وأما النقوش الدالة على الألفاظ فيحتمل أن يشار إليها بذلك لكن فيه أن الحاضر من النقوش لا يكون إلا شخصا ولا ريب في أنه ليس المراد تسمية ذلك الشخص باسم الكتاب بالتسمية نوعه وهو النقش الكتابي الدال على تلك الألفاظ المخصوصة بإزاء المعاني المخصوصة أعم من أن يكون ذلك الشخص أو غيره مما يشاركه في ذلك المفهوم ولا حضور لذلك الكلى في الخارج فالإشارة إلى الحاضر المرتب في الذهن أصوب على جميع التقديرات فكأنه نزل العبارات الذهنية التي أراد كتابتها منزلة الشخص المشاهد المحسوس فاستعمل لفظ هذا الموضوع لكل مشار إليه محسوس الموسوم أي المسمى يقال وسمت الشئ وسما وسمة إذا أثرت أثرا فيه والهاء عوض من الواو ولما كانت السمة علامة والاسم علامة على مسماه أشق له منه لفظ وهو أحد القولين في الاسم بإرشاد الأذهان جمع ذهن وهو قوة للنفس معدة لاكتساب الآراء إلى أحكام الايمان المراد به هنا مذهب الإمامية دامت بركاتهم مستمدا حال من الضمير في صنفت أي صنفت هذا الكتاب في حالة كوني مستمدا من الله حسن التوفيق وقد تقدم تعريفه وهداية الطريق إليه سبحانه والمراد بها الدلالة على ما يوصل إلى المطلوب وقيل الدلالة الموصلة إلى المطلوب ويؤيد الأول إنك تهدى من تشاء إلى صراط مستقيم ويرد عليه إنك لا تهدى من أحببت وعلى الثاني وأما ثمود فهديناهم وأجيب عن الايراد الأول بأن الهداية المنفية في الآية محمولة على الفرد الكامل وهو ما يكون موصلا بالفعل لمن له الهداية أو يقال الآية من قبيل وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى في تنزيل وجود الشئ منزلة عدمه فإن النبي عليه السلام لما لم يكن مستقلا بالهداية والدلالة بل دلالته بأقدار الله وتمكينه وتوفيقه فكأنه ليس بهاد بل الهادي هو الله نعم والحاصل يرجع إلى نفى الاستقلال في الهداية وأورد عليه بأنه يلزم أن من يكون عارفا بالشريعة متقاعدا عن العمل بمقتضاها مهتد وليس كل واجب بالتزام أنه مهتد بالمعنى اللغوي أو مهتد بالنسبة إلى العلم وضال بالنسبة إلى مطلوب آخر وهو نيل الثواب والفوز بالسعادة الأخروية حيث لم يعمل بمقتضى علمه فيصدق الاسمان بالحيثيتين وقد اتسع مسلك الكلام بين العلماء الاعلام من الجانبين ولا يبعد القول بالاشتراك وأولى منه أنها حقيقة في الأول مجاز في الثاني لأرجحيته على الاشتراك وكثرة استعمالها فيه وتحقيقه في غير هذا المحل واعلم أن المصنف أضاف الهداية إلى مفعولها الثاني وهي تتعدى بنفسها إلى المفعول الأول وإلى الثاني بنفسها أيضا وبإلى وباللام ومن الأول قوله تعالى إهدنا الصراط ومن الثاني هداني ربى إلى صراط ومن الثالث الذي هدانا لهذا والتمست منه أي طلبت ويطلق على الطلب من المتساوي حقيقة أو ادعاء حسب ما يقتضيه المقام المجازاة على ذلك التصنيف وفي الإشارة إليه بصيغة البعيد توسع بالترحم على عقيب الصلوات والاستغفار وهو سؤال المغفرة لي في الخلوات فإنها مظنة إجابة الدعوات ونزول البركات وإصلاح ما يجده في هذا الكتاب بمقتضى السياق ويحتمل أن يريد الأعم منه ومن غيره كما صرح به في وصية له في آخر القواعد من الخلل والنقصان بينهما عموم وخصوص مطلق فإن كان كل نقصان خلل ولا ينعكس فإن السهو وهو زوال الصورة عن القوة الذاكرة أو عدم العلم بعد حصوله عما من شأنه أن يكون عالما كالطبيعة
صفحہ 10
الثانية للانسان وتوضيح ذلك أن الطبيعة الأولى للشئ هي ذاته وماهيته كالحيوان الناطق بالنسبة إلى الانسان وما خرج عن ماهيته من الصفات والكمالات الوجودية اللاحقة لها سمى طبيعة ثانية سواء كانت لازمة كالضحك والتنفس بالقوة للانسان أم مفارقة كهما بالفعل له وسواء كانت لاحقة بلا واسطة كالتعجب اللاحق للانسان أم بواسطة أمر خارج عنه مساو له كالضحك اللاحق له بواسطة التعجب أم بواسطة جزئية كالحركة الإرادية اللاحقة له بواسطة أنه حيوان ثم لما كان السهو ليس طبيعة أولى وهو ظاهر ولا ثانية لأنه أمر عدمي فإن العدم جزء مفهومه لأنه زوال الصورة العلمية عن القوة الذاكرة أو عدم العلم بعد حصوله عما من شأنه أن يكون عالما كما تقدم لكنه أشبه الطبيعة الثانية في العروض والكثرة التي تشبه اللزوم كان كالطبيعة الثانية للانسان خصوصا على التعريف الثاني فإن العدم المنسوب إلى الملكة له خط من الوجود بافتقاره إلى محل وجودي كافتقار الملكة إليه فإنه عبارة عن عدم شئ مع إمكان اتصاف الموضوع بذلك الشئ كالعمى فإنه عدم البصر لا مطلقا بل عن شئ من شأنه أن يكون بصيرا فهو يفتقر إلى الموضوع الخاص المستعد للملكة كما تفتقر الملكة إليه بخلاف باقي الاعدام ثم أكد الاعتذار عما يجده من الخلل بقوله ومثلي ممن لم يتصف بالعصمة من بني آدم والتعبير بالمثل كناية عن أنى لا أخلو من ذلك من قبيل قولهم مثلك لا ينجل ومثلك من يجود فإنه كناية عن ثبوت الفعل أو نفيه عمن أضيف إليه لفظ مثل لأنه إذا ثبت الفعل لمن سيد مسده ومن هو على أخص أوصافه أو نهى عنه كان من مقتضى القياس والعرف أن يفعل هو كذا أو أن لا يفعل ومن لازم هذه الكناية تقديم لفظ مثل كما قرر في المعاني ولفظة يخلو من قوله لا يخلو ليس بعدها ألف لان الواو فيها لام الفعل المعتل وإنما أثبتوا الألف بعد الواو المزيدة وهي واو الجماعة فرقا بينها وبين الأصلية كهذه ونظائرها فإتيانه بعدها خطأ من تقصير في اجتهاد لابتنائه على مقدمات متعددة وقواعد متبددة يحتاج إلى استحضارها في كل مسألة يجتهد فيها وذلك مظنة التقصير ولهذا اختلفت الأنظار في الفروع التي لم ينص على عينها كما هو معلوم والله الموفق للسداد وهو الصواب والقصد من القول والعمل قاله في الصحاح فليس المعصوم من بني آدم كما يقتضيه الاستثناء من النفي المستلزم لحصر الاثبات في المستثنى مع الاجماع على عصمة الملائكة عليهم السلام مع خروجهم عن الأنبياء والأوصياء فلولا التقييد ببني آدم أشكل الحصر إلا من عصمه الله ومن في قوله من أنبيائه وأوصيائه لبيان الجنس لاتفاقنا على عصمة الجميع والتقدير ليس المعصوم من نوع الانسان إلا الأنبياء وأوصيائهم عليهم أفضل الصلوات وأكمل التحيات جمع تحية والأصل تحيية نقلت كسرة الياء إلى ما قبلها وأدغم الياء في الياء واشتقاقها من الحياة لان المحيى إذا حيا صاحبه فقد دعا له بالسلامة من المكاره والموت من أشدها فدخل في ضمنها واختصت بالاشتقاق منها لقوتها والمراد هنا ما هو أعم من ذلك ونبدأ في الترتيب وهو جمع الأشياء المختلفة وجعلها بحيث يطلق عليها اسم واحد ويكون لبعضها نسبة إلى بعض بالتقدم والتأخر في النسبة العقلية وإن لم تكن مؤتلفة وهو أعم من التأليف من وجه لأنه ضم الأشياء مؤتلفة سواء كانت مترتبة الوضع أم لا وهما معا أخص من التركيب مطا لأنه ضم الأشياء مؤتلفة كانت أم لا مرتبة الوضع أم لا ومنهم من جعل الترتيب أخص مطا من التأليف ومنهم من جعلهما مترادفين ومنهم من جعل التركيب والتأليف مترادفين فهذه ألفاظ ثلاثة موضوعة للدلالة على ضم شئ إلى آخر يحسن التنبيه عليها بالأهم فالأهم أي نبدء بالأهم أولا فإذا فرغنا منه ذكرنا الأهم بالنسبة إلى الباقي فبدء بالعبادات أولا إذ الاحكام الأخروية
صفحہ 11
أهم من الدنيوية لأنها المقصودة بالذات من خلق المكلفين وأتبعها بالعقود لتوقف نظام النوع وقوامه على معرفتها ثم بالايقاعات لأنها بالنسبة إلى العقود كالفروع فإن الطلاق وتوابعه فرع النكاح والعتق وتوابعه فرع الملك الحاصل بالابتياع ونحوه وهكذا القول في نظائرها وأخرت الاحكام لأنها خارجة عن حقيقة مستحق التقدم كالفرايض والجنايات أو لازمة للعقود والايقاعات معا كالقضاء والشهادات واللازم متأخر عن الملزوم طبعا فأخر وضعا ليطابق الوضع ثم بدء من العبادات بالصلاة لأنها أفضل وأكثر تكرارا وقدم عليها الطهارة لكونها شرطا فيها والشرط مقدم على المشروط وكان من حقها أن تجعل بابا من أبواب الصلاة كباقي شروطها كما فعل الشهيد ره في الذكرى لكن لكثرة مسائلها وتشعب أنواعها أفردها من باقي الشروط في كتاب وقدم منها الوضوء لعموم البلوى به وتكرره ضرورة في كل يوم بخلاف الغسل والتيمم وقدم بعده الغسل على التيمم لأصالته عليه والتيمم طهارة ضرورية وقدم على إزالة النجاسات لأنها تابعة للطهارة بالمعنى المعتبر عند علماء الخاصة ثم أتى بالزكاة بعد الصلاة لاقترانها معها في الآيات الكريمة وتكررها في كل سنة بالنسبة إلى الخمس والحج والخمس والاعتكاف تابعان للزكوة والصوم من وجه فناسب ذكرهما معهما ثم بالصوم لاختصاصه ببعض هذه العلل ثم بالحج لوقوعه في العمر مرة وأخر الجهاد لخلو وقتنا منه غالبا وهكذا قرر ما يرد عليك من بقية أجزاء الكتاب لا زلت موفقا لصواب الصواب كتاب الطهارة خبر مبتدء محذوف أي هذا كتاب الطهارة وكذا القول في بقية الفصول والأبواب والكتاب اسم مفرد وجمعه كتب بضم التاء وسكونها وهو فعال من الكتب بفتح الكاف سمى به المكتوب كالخلق بمعنى المخلوق وكقولهم هذا درهم ضرب الأمير وثوب نسج اليمن وقد صرح الجوهري وغيره من أهل اللغة بأنه نفسه مصدر تقول كتبت كتبا وكتابا وكتابة واستشكل ذلك جماعة من المحققين بأن المصدر لا يشتق من المصدر بل الخلاف منحصر في أن الفعل هل يشتق من المصدر أو بالعكس كما هو المعلوم وأسند ما يقال في الجواب أن الكلام إنما هو في المصدر المجرد وأما المزيد فإنه مشتق منه لموافقته إياه بحروفه ومعناه وقد نص على ذلك العلامة التفتازاني والكتب معناه الجمع تقول كتبت البغلة إذا جمعت بين شفريها بحلقة أو سير وكتبت القرية أيضا كتبا إذا خرزتها ومنه تكتب بنو فلان إذا تجمعوا ومنه سمى الكتاب لأنه يجمع أمورا من علم يعبر عنها تارة بالأبواب وأخرى بالفصول وغيرها والطهارة مصدر طهر بضم عين الفعل وفتحها والاسم الطهر وهي لغة النظافة والنزاهة وقد نقلت في الاصطلاح الشرعي إلى معنى آخر بناء على وجود الحقايق الشرعية وقد اختلف الأصحاب في تعريفها لاختلافهم في المعنى المنقول إليه فكل عرفها بحسب ما ذهب إليه ولا نكاد نجد تعريفا سليما عن الطعن حتى لجاء بعضهم إلى أن المراد بتعريفها التعريف اللفظي على قانون اللغة وهو تبديل لفظ بلفظ آخر أجلى منه من دون اشتراط الاطراد والانعكاس وحاصل الخلاف أن منهم من يطلقها على المسح دون إزالة الخبث ومنهم من يطلقها عليه وعلى إزالة الخبث وعلماؤنا الأكثرون على الأول بناء على أن إزالة الخبث في الحقيقة أمر عدمي فلا حظ له في المعاني الوجودية ثم هم مختلفون في إطلاقها على الصورة غير المبيحة حقيقة أو ظاهرا كوضوء الحايض والمجدد والمصنف لم يتعرض لتعريفها في هذا الكتاب لكن استقر أمره تبعا لغيره على تقييدها بالمبيحة ولو بالصلاحية ومن الاشكال العام أنهم يخرجون من التعريف وضوء الحائض أما لعدم الإباحة به أو للحديث الدال
صفحہ 12
على عدم تسميته طهرا ثم يقسمون الطهارة إلى واجب وندب والندب إلى المجدد وإلى وضوء الحايض وغسل الجمعة والتيمم لصلاة الجنازة ونحوها فاللازم أما فساد التقسيم أو خلل التعريف وربما اعتذر بأن المقسم غير المعرف أو بأن ذكر هذه الأشياء في التقسيم لضرب من المجاز والاستطراد ومثله يجوز ارتكابه في التقسيم بعد سلامة التعريف ولا يخفى بعدهما وقد ناقش شيخنا الشهيد في شرح الارشاد رحمه الله في اخراج وضوء الحائض وإدخال المجدد بأن التعريف إن كان للطهارة المبيحة للصلاة فينبغي اخراج المجدد منه عند من لا يكتفى بنية التقرب منفردة لأنه غير صالح للتأثير وإن أريد بالصلاحية ما يعم البعيدة وهو أنه لو اقترن به ما يجب اقتران غيره به لاثر دخل وضوء الحائض إذ الصلاحية حاصلة لكل وضوء من حيث هو وما بالذات لا يزيله ما بالعرض وإن كان التعريف لهما يقع عليه لفظ الطهارة صحيحا أم لا مبيحا أم لا فلا معنى للتقييد بالمبيح للصلاة أو بالصالح لها واعتذر عن ذلك بالفرق بين ما اقترن به ما يمنع الإباحة بحال كما في وضوء الحائض وبين ما أخل فيه بشرط لو أتى به لكان مبيحا فكأنه صالح بالقوة ومن ثم قال جمع بإباحة المجدد ومنهم من يرى الاكتفاء بالقربة وأنت خبير بأن هذا الاعتذار اقتضى اختلافهما وإن أحدهما أقوى من الاخر أما جواب ما نحن بصدده فلا لان الكلام إنما هو على القول بعدم رفعه وعدم الاجتزاء بالقربة و ح فلا دخل له في الإباحة على وجه الحقيقة وإلا فنحن لا ننازع في أنه أقوى وأقرب إلى الإباحة لكن تعريفهم لا يجتزى بذلك اللهم إلا أن ترتكب في التعريف ضربا من التجوز بأن تحمل الإباحة أو الصلاحية لها على ما يعم القوة القريبة على معنى أنه لو أتى ببقية الشروط المعتبرة حصلت فيندرج في ذلك المجدد والأغسال المسنونة ويخرج عنه وضوء الحائض لكن يبقى الكلام في إدخال وضوء الحائض في التقسيم وقد مر الكلام فيه والنظر يقع في الطهارة من ستة أوجه على وجه الحصر الجعلي الاستحساني لا العقلي والاستقرائي في أقسامها وأسبابها ويندرج فيها واجباتها وكيفيتها وأحكامها ويقع النظر فيها من ثلاثة أوجه بحسب تعدد أنواعها وما تحصل به وهو الماء المطلق والتراب على ما يأتي وتوابعها وهي إزالة النجاسات وتعدادها وبقية المطهرات وأحكام الأواني ووجه ما اختاره من الحصر إن البحث أما عن المقصود بالذات أو لا والأول أما عن تقسيمه وتفصيله على وجه يصير الشارع فيه على بصيرة منه وهو النظر الأول أو عن كيفيته وما معه من السبب والحكم وهو الثاني والثالث والرابع حسب تعدد أنواعه وتقديم الثاني والثالث على الرابع ظاهر لأنه طهارة اضطرارية مشروطة بفقد الاختيارية التي هي المائية والمائية قسمان وضوء وغسل وقدم الوضوء على الغسل لزيادة الحاجة إليه والثاني أما أن يتوقف عليه المقصود بالذات أو لا والأول هو الخامس وهو البحث عن المياه وأقسامها وأحكامها وإنما أخره عما سبق مع أنه مادته وهي متقدمة على الصورة لان ما بالذات أولى مما بالعرض ولما ذكرناه من العلة قدم غيره البحث عن المياه أولا حتى المصنف في غير هذا الكتاب والثاني هو السادس وهو التابع ورتبته التأخر عن متبوعه ولأنه طهارة لغوية عنده وإنما بحث عنه في كتاب الطهارة لان النجاسة مانعة من الصلاة ولما بحث عن الطهارة الشرعية التي هي شرط الصلاة بحث عن المانع منها ليتم للمكلف معرفة ما به يخرج عن التكليف بها ولأنه عند بعضهم طهارة شرعية حقيقة ومجازا عند الباقين فالمناسبة حاصلة على التقديرين وربما نظر بعضهم إلى أنه يتوقف عليه استعمال ما يتطهر به ليتحقق الخروج عن العهدة باستعماله فقدم البحث عنه على المقصود بالذات لذلك كما فعل المصنف في القواعد ولكل وجه والمرجح
صفحہ 13
ما يقع في الخلد وقت التصنيف النظر الأول في أقسامها وهي أي الطهارة منقسمة انقسام الكلى إلى جزئياته لا الكل إلى أجزائه إلى ثلاثة أنواع وضوء وغسل وتيمم ولما كان هذا الكلى لا وجود له في الخارج إلا في ضمن جزئياته صدق على كل جزئي من الثلاثة أنه طهارة وينساق إلى هذا ونظائره شك لطيف وهو أن الانقسام لازم لمطلق الطهارة وهو لازم لكل واحد من أقسامها فيلزم أن يكون الانقسام لازما لكل واحد من أقسامها ويلزم منه انقسام الشئ إلى نفسه ومباينه أو مساواة الجزئي لكليه وكلاهما فرض محال وجوابه أن المنقسم إلى الثلاثة هو الطهارة المطلقة أي مقيدة بقيد العموم لا مطلق الطهارة وفرق بين الصيغتين فإن الطهارة من حيث أنها عام موصوفة بالانقسام كما أن الحيوان من حيث أنه عام موصوف بالجنسية وهي قسم من المطلق وما هو ملزوم للانقسام ليس هو مطلق الطهارة بل الطهارة المطلقة وفيه بحث أو نقول الانقسام المذكور لازم للطهارة بحسب وجودها الذهني وهي لازمة لأقسامها من حيث حصولها العيني لا من تلك الحيثية ولازم الشئ باعتبار لا يلزم أن يكون لازما لملزومه باعتبار آخر كالكلية اللازمة لمفهوم الحيوان اللازم أزيد مثلا واعلم أن الظاهر من هذا الانقسام أن مقولية الطهارة على أنواعها الثلاثة بطريق الحقيقة لا بالمجاز ولا ريب في ذلك بالنسبة إلى المائية ويؤيده بالنسبة إلى الترابية قوله الصعيد طهور المسلم وجعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على إطلاق الطهارة على التيمم لان السياق لإباحة الصلاة بالنسبة إلى الحدث ولصدق التعريفات بأسرها عليه ثم على تقدير الحقيقة فهل تلك المقولية بطريق الاشتراك اللفظي أو التواطؤ أو التشكيك الظاهر انتفاء الأول لاشتراك الثلاثة في معنى مشترك بينهما وهو صلاحية الإباحة للصلاة ولو بالقوة القريبة على ما تقرر وهو ينفى الاشتراك ومحتمل الاشتراك ينظر إلى اختلاف ذاتي المائية والترابية فهي كالعين وهو ضعيف إذ لا جامع لافراد العين غير اللفظ بخلافه هنا نعم يقع الشك بين الأخيرين لاشتراكهما في هذا الوجه وليس ببعيد مقوليتها على الثلاثة بالتشكيك وعلى الوضوء والغسل بالتواطؤ فإن إطلاقها على المائية أقوى من الترابية وفرد المائية متساويان وتظهر فائدة الخلاف في نذر الطهارة وسيأتي كل منها إلى الثلاثة التي هي الوضوء والغسل والتيمم واجب أما بأصل الشرع أو بالعرض كالنذر وشبهه وندب بالأصالة أو بالعرض أيضا فالأقسام أربعة ويخرج من ضربها في الأنواع الثلاثة اثنا عشر قسما ذكر المصنف ره منها تسعة الواجبة بأصل الشرع والعارض والثلاثة المندوبة بأصل الشرع وستراها مفصلة وبقي ثلاثة أقسام وهي المندوب من الثلاثة بسبب من المكلف وذلك حيث يكون أحدها متعلقا بما يستحب الوفاء به كالنذر المنوي غير المتلفظ به فالوضوء يجب بأصل الشرع للصلاة والطواف الواجبين أما للصلاة فلقوله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا ولقوله لا صلاة إلا بطهور وللإجماع ويلحق بالصلاة أجزاؤها المقضية منفردة كالسجدة والتشهد وسجود السهو و الاحتياط إن لم نجعله صلاة مستقلة لا سجود التلاوة وأما للطواف فلقوله صلى الله عليه وآله الطواف بالبيت صلاة فيشترط فيه ما يشترط فيها إلا ما أخرجه الدليل ويجب الوضوء أيضا بالأصالة لمس كتابة القرآن إن وجب المس بنذر وشبهه على الأصح من توقف المس على الطهارة للآية والضابط في وجوب الوضوء ما كانت غايته واجبة ولما كان الصلاة والطواف واجبين بأصل الشرع جعل الوجوب معهما وصفا ولما لم يجب المس بالأصل جعل الوجوب فيه شرطا وربما أعيد ضمير وجب إلى الوضوء إشارة إلى الخلاف في وجوب
صفحہ 14
الوضوء على المحدث للمس وفيه بعد لحكم المصنف بوجوبه فلا وجه لتردده هنا بل الوجه ما قلناه ويستحب الوضوء بأصل الشرع لمندوبي الأولين وهما الصلاة والطواف فإن الغاية لما لم تجب لم يجب شرطها لجواز تركها فكان الشرط كالغاية إذ لا يتصور وجوب الشرط لمشروط غير واجب لكن مع الشرطية في الصلاة فلا تصح بدونه وقد يطلق عليه هنا الوجوب لمشابهة الواجب في أنه لا بد منه بالنسبة إلى مشروطه ويعبر عنه بالوجوب الشرطي وكذا بالقول في مس خط المصحف مع عدم وجوبه وأما الطواف المندوب فهو من كماله على الأصح فيصح الطواف بدونه واشترطها فيه المص في النهاية ودخول المساجد للخبر ولاستحباب التحية وهي متوقفة على الوضوء وقراءة القرآن وحمل المصحف والنوم وصلاة الجنائز و السعي في حاجة وزيارة المقابر كل ذلك للنص وفى كل هذه ينوى الاستباحة أو الرفع ويحصلان له عدا النوم ففيه نظر أما نية الرفع فلا إشكال فيها بعد ثبوت إيقاع هذه الأشياء على طهارة وأما الاستباحة فذكرها الشهيد ره في بيانه ساكتا عليها وأمرها مشكل فيما عدا الصلاة المندوبة لإباحة هذه الأشياء بدونها فكيف ينوى استباحتها بها والأولى في النية رفع الحدث أو إيقاع هذه الأشياء على الوجه الأكمل لتوقفه على رفع الحدث وأما النوم فالوضوء له غايته الحدث فكيف يرفعه وألحقه في المعتبر بالصحيح لأنه قصد النوم على أفضل أحواله ولما في الحديث من استحباب النوم على طهارة وهو مشعر بحصولها واعترضه شيخنا الشهيد ره بأنه لا يلزم من استحباب النوم على الطهارة صحة الطهارة للنوم إذ الموصل إلى ذلك وضوء رافع للحدث فلينو رفعه أو استباحة مشروطة به لا منافيا له قال والتحقيق إن جعل النوم غاية مجازا إذ الغاية هي الطهارة في آن قبل النوم بحيث يقع النوم عليها فيكن من باب الكون على طهارة وهي غاية صحيحة ونوم الجنب وإنما خصه بالذكر مع دخوله في استحباب الوضوء للنوم لمزيد الاهتمام به ولورود النص عليه بخصوصه ولدفع توهم عدم شرعية الوضوء للجنب وجماع المحتلم قبل الغسل وعلل في الخبر بأنه لا يؤمن أن يجئ الولد مجنونا لو حملت من ذلك الجماع وهو يقتضى تخصيص الكراهة بوقت احتمال الحمل فينتفى بدونه والأولى تعميم الحكم إذ لا يلزم من تأثيره في الحمل على تقدير كونه مسببا عنه انتفاء الكراهة لو لم يكن والكراهة منوطة بالاحتلام فلا يكره الجماع من غير وضوء للأصل وذكر الحائض لله تعالى في وقت كل صلاة والخبر ورد في الحائض والظاهر إلحاق النفساء بها لأنها حائض في المعنى وهذه الثلاثة لا يتصور فيها رفع الحدث لمصاحبته لها وعدم صلاحيته للارتفاع به في هذه الحالة والكون بالجر عطفا على ما قبله أي ويستحب الوضوء أيضا للكون على طهارة أي للبقاء على حكمها فاندفع توهم التكرار حيث يصير التقدير يستحب الطهارة للكون على طهارة لان البقاء على حكمها ليس هو نفسها بل لازمها وليس الكون غاية مستقلة بل مستلزمة للرفع أو الاستباحة إذ لا تحصل إلا بأحدهما فكان المنوي أحدهما ومن ثم صح الوضوء المنوي به ذلك كما قربه في الذكرى مع أن ذلك وارد في بقية الغايات المستحبة والجواب واحد ويجوز رفع الكون عطفا على الضمير المستتر في قوله ويستحب أو على الابتداء والخبر محذوف وتقديره مستحب وربما توهم التكرار على التقدير الأول من هذين بناء على أنه في قوة يستحب الوضوء ويستحب الكون على وضوء ولا وجه له لان المعطوف إليه ليس هو استحباب الوضوء مطلقا بل للمذكور من الصلاة والطواف المندوبين وغيرهما مما عد ثم إن المكلف إذا أراد الكون فإن نوى رفع الحدث فلا ريب في الصحة وحصول ما نواه إذ لا يحصل الكون عليها إلا مع ارتفاعه مع الاختيار وهو إحدى الغايتين وإن نوى الاستباحة لشئ مما يتوقف على الوضوء حصل المقصود أيضا لزوما لكن بكون الكون ح تابعا وإن نوى الكون على طهارة فقد قرب الشهيد ره الاجزاء كما حكيناه عنه وهو حسن لأنه إحدى الغايات
صفحہ 15
المطلوبة للشارع ولأنه يستلزم الرفع لان الكون على طهارة لا يتحقق إلا معه والتجديد بالجر أيضا عطفا على ما سبق ولا ينوى هنا الرفع ولا الاستباحة ولا يرفع الحدث على المشهور لعدم نيته وحكى عن الشيخ في ط الرفع وقواه الشهيد في الدروس لان شرعية المجدد لتدارك الخلل وكمالية الطهارة مع أنهما يشترطان في الوضوء الواجب الاستباحة أو الرفع وسيأتي في ذلك بحث آخر إنشاء الله ولو اكتفينا في الوضوء بالقربة فلا إشكال ح في رفع المجدد على تقدير الحاجة إليه ثم إن تجديد الوضوء إن كان بعد إن صلى بالأول ولو نافلة فلا ريب في استحبابه وألحق المصنف في التذكرة الطواف وسجود الشكر والتلاوة بها ورجح الشهيد عدم اللحاق وهل يستحب قبل الصلاة أو ما يلحق بها جزم به المصنف في التذكرة للعموم وتوقف الشهيد ويقوى الاشكال في تعدده لصلاة واحدة لعدم النص على الخصوص وتوقف فيه المصنف في المخ ويمكن دخوله في عموم الاذن فيه من غير تقييد ورجح العدم في الذكرى محتجا بأصالة عدم المشروعية وأدائه إلى الكثرة المفرطة ويضعف الأول ما ذكرناه والثاني لا يصلح للدلالة والغسل يجب بأصل الشرع لما وجب له الوضوء وهو الصلاة والطواف الواجبان والمس إن وجب للآية والحديث والاجماع فيشترك مع الوضوء في هذه الثلاثة ويجب أيضا زيادة على الوضوء لأربعة أشياء الدخول المساجد مع اللبث في غير المسجدين وفيهما يكفي في الوجوب مجرد الدخول وقراءة سور العزائم الأربع أو شئ منها حتى البسملة إذا قصدها لاحدها والمراد بالعزائم نفس السجدات الواجبة فإطلاقها على السور من باب حذف المضاف أي سور العزائم وتسميتها عزائم بمعنى إيجاب الله تعالى لها على العباد كما هو أحد معنيي العزيمة وفى تسميتها عزائم احتراز عن باقي السجدات المستحبة لا بالمعنى المشهور للأصوليين من أن العزيمة ما وجب فعله مع عدم قيام المانع وهو المعنى المقابل للرخصة إذ لا وجه لاختصاصها بذلك من بين نظائرها هنا من الواجبات وإن كان التعريف صادقا عليها ومستند الحكم فيهما النص والاجماع وإنما يجب الغسل لهما إذا كانا واجبين بنذر وشبهه إذ لا وجوب لأحدهما بأصل الشرع كما نبه عليه المصنف بقوله إن وجبا أي كل واحد من الدخول والقراءة بانفراده وإطلاق الغسل يشمل بظاهره تحريم هذه الأشياء على محدث يجب عليه الغسل بجنابة أو غيرها فيدخل فيه حدث مس الأموات وهو على إطلاقه في الغاية التي شارك فيها الوضوء وأما دخول المساجد وقراءة العزائم فعمم المصنف الحكم فيها في التذكرة واستثنى الشهيد ره ماس الميت من تحريم دخول المساجد وادعى عليه ابن إدريس الاجماع والمنقول منه بخبر الواحد حجة مع اعتضاده بأصالة البراءة وخلو الاخبار من الدلالة عليه نفيا وإثباثا وأما قراءة العزائم له فليس فيها تصريح لاحد من الأصحاب والظاهر أن الحكم فيه كك لأصالة البراءة وعدم الدليل المحرم وأما حدث الاستحاضة الموجب للغسل فظاهر عبارة جماعة أنه كالحيض في منع دخول المساجد وقراءة العزائم مع عدم فعل ما يلزمها من الأغسال والوضوءات أما لو فعلت ذلك استباحت ما يستبيحه المتطهر وفى الدروس جوز لها دخول المسجد مع أمن التلويث من غير تقييد محتجا بخبر زرارة عن الباقر عليه السلام وسيأتي الكلام فيه ويجب الغسل أيضا لصوم الجنب إذا بقي من الميل مقدار فعله للاخبار والاجماع وخلاف ابن بابويه لا يقدح فيه ويلحق به الحائض والنفساء إذا انقطع دمهما قبل الفجر دون ماس الميت للأصل وعدم النص كما اعترف به الشهيد في الذكرى قيل عليه إن مطلق صوم الجنب لا يكون مشروطا بالغسل لان من نام بنية الغسل حتى أصبح لا يفسد صومه وكذا من لم يعلم بالجنابة حتى طلع الفجر أو تعذر عليه الغسل وجوابه إن الحكم بوجوب الغسل أعم من كونه شرطا ويؤيده ما ذكر من الصور إذ لو كان شرطا لم يصح الصوم على وجه نعم هو واجب موسع قبل النوم وبعده لا تكليف ولأن شرطية الطهارة قوية لا يعذر فيها الناسي ومقتضى كلامهم أنه شرط على بعض الوجوه لا مطلقا فسقط الايراد كما مر وقد يجاب بأن المفرد المحلى
صفحہ 16
باللام لا يعم عند المصنف فيصدق بجنب ما من غير أن يندرج فيه ما ذكر وأورد العلامة قطب الدين الرازي على المصنف أن قوله ولصوم الجنب يدل على أن غسل الجنابة واجب لغيره وهو لا يقول به وأجاب المصنف بأن المراد تضيق الوجوب ومعناه أن الصوم ليس موجبا للغسل بل يتضيق وجوبه بسببه وإنما الموجب به الجنابة فذكره لبيان كيفية الوجوب لا لبيان ماهيته كذا قرره الشهيد ره وأقره وزيف بأن الغسل شرط للصوم قطعا ووجوب المشروط يقتضى وجوب الشرط ويمكن الجواب عن الايراد وإن قلنا بالشرطية بعدم المنافاة بين وجوبه لنفسه ووجوبه لكونه شرطا للصوم لان الواجب في نفسه لا يمتنع جعله شرطا لواجب آخر كستر العورة مع وجود الناظر فإنه واجب في نفسه وشرط للصلاة وكصوم رمضان بالنسبة إلى الاعتكاف المنذور فيه وحينئذ فيجب لوجوبه قضية للاشتراط ولهذا يتعلق به حكم الوجوب اللاحق كتضيقه بتضيق مشروطه ويجب الغسل أيضا لصوم المستحاضة مع غمس دمها القطنة سواء سال أم لم يسل فيشمل حاليتها الوسطى والعليا وتخرج القليلة والمستند بعد الاخبار الاجماع ولا إشكال في الحكم إذا كان الغمس بعد انتصاف الليل وقبل الفجر بالنسبة إلى اليوم المستقبل وكذا إذا كان بعد الفجر قبل الصلاة على الظاهر لعموم توقف الصوم على الأغسال ويحتمل ضعيفا عدم وجوبه للصوم هنا وإن وجب للصلاة لسبق انعقاده أما لو كان بعد صلاة الفجر لم يجب الغسل للصوم قطعا لعدم وجوبه بالنسبة إلى صلاة الفجر ثم إن استمر إلى صلاة الظهر وكان كثيرا توقف عليه الصوم لوجوبه لصلاة الظهر أما لو كثر وانقطع قبل الظهر نفى إيجابه الغسل خلاف يأتي تحقيقه إنشاء الله ولو تجدد الكثرة بعد صلاة الظهرين لم يتوقف صوم اليوم الحاضر على الغسل وإن استمرت إلى وقت العشائين مع احتماله والظاهر توقف صوم اليوم المستقبل عليه للعموم وكذا إذا تجددت الكثرة بعد صلاة العشاء سواء انقطعت قبل الانتصاف أم استمرت والظاهر الاكتفاء ح بغسل واحد قبل الفجر وإن وجب في السابق أكثر ولو كان متوسطا فإن استمر إلى الفجر فتوقف الصوم عليه ظاهر وإن انقطع قبله فالأجود وجوب الغسل له وتوقف الصوم عليه للعموم ويستحب الغسل بأصل الشرع للجمعة على المشهور لقوله صلى الله عليه وآله من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل وقول الكاظم عليه السلام لأنه سنة وليس بفريضة والأخبار الدالة على الوجوب محمولة على تأكد الاستحباب جمعا بين الاخبار ووقته للمختار من طلوع الفجر ويمتد إلى الزوال لقول الصادق عليه السلام كانت الأنصار تعمل في نواضحها وأموالها وإذا كان يوم الجمعة جاؤوا المسجد فيتأذى الناس بأرواح إباطهم وأجسادهم فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله بالغسل يوم الجمعة فجرت بذلك السنة وكلما قرب من الزوال كان أفضل لزيادة المعنى عند الحاجة إليه في الأصل ولو فاته قبل الزوال لعذر وغيره على الأصح استحب فضاؤه إلى السبت ليلا ونهارا مع احتمال عدمه ليلا لظاهر النص ويستحب تعجيله يوم الخميس مع خوف فوت الأداء وإن علم التمكن من القضاء واحتمل المصنف هنا تحتم القضاء كصلاة الليل وأفضل وقتي التعجيل والقضاء الأقرب إلى وقت الأداء وهو آخر الأول وأول الثاني ويستحب الغسل أيضا أول ليلة من شهر رمضان وهو إجماع ورواه عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام وهما واقفيان لكن أيدت الرواية بعمل الأصحاب وليلة نصفه وهي ليلة الخامس عشر ولم نعلم فيها نصا على الخصوص قال المحقق في المعتبر ولعله لشرف تلك الليلة فاقترانها بالطهر حسن ويظهر من المصنف في النهاية إن به رواية وليلة سبع عشر وليلة تسع عشرة وليلة إحدى وعشرين وليلة ثلث وعشرين من شهر رمضان وهو إجماع ورواه محمد بن مسلم عن أحدهما قال الغسل في سبعة عشر موطنا ليلة سبع عشرة وهي ليلة التقى الجمعان وتسع عشرة فيها يكتب رفد السنة وليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي أصيب فيها أوصياء الأنبياء ورفع فيها عيسى بن مريم وقبض موسى وثلاث وعشرين يرجا فيها ليلة القدر وليلة الفطر
صفحہ 17
ذكره الشيخان ورواه الحسن بن راشد قال إذا غربت الشمس ليلة العيد فاغتسل الحديث والحسن بن راشد ضعفه النجاشي ولم يذكر هذا الغسل جماعة لكن أحاديث السنن يتسامح فيها ويومي العيدين وهو إجماعنا ومذهب الجمهور وحكى عن أهل الظاهر وجوبه فيهما ووقته مجموع النهار عملا بإطلاق اللفظ لكن الأفضل فعله عند الصلاة للتعليل المذكور في الجمعة ولو فات لم يقض لعدم النص وليلة نصف رجب وهو مشهور لكن لم يعلم فيه خبر وربما كان ذلك لشرف الوقت كما تقدم وليلة النصف من شعبان رواه أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال صوموا شعبان واغتسلوا ليلة النصف منه وفي بعض رجالها ضعف وذكر الشيخ في المصباح رواية عن سالم مولى حذيفة عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال من تطهر ليلة النصف من شعبان فأحسن الطهر وساق الحديث إلى قوله قضى الله له ثلث حوائج ثم إن سأل أن يراني في ليلة رآني وهذه الرواية أيضا ضعيفة والمعول على الاستحباب اتباعا ويوم المبعث وهو السابع والعشرون من رجب ذكره الشيخ في الجمل والمصباح ولم يثبت فيه خبر والكلام فيه كنصف رجب ويوم الغدير وهو إجماع منا ورواه علي بن الحسين العبدي قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول من صلى فيه ركعتين يغتسل عند زوال الشمس من قبل أن تزول بمقدار نصف ساعة إلى قوله ما سئل الله حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا قضيت له كأينا ما كانت ويوم المباهلة وهو الرابع والعشرون من ذي الحجة على المشهور وقيل الخامس والعشرون واختاره المحقق وروى سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال غسل المباهلة واجب والمراد تأكيد الاستحباب للاجماع على عدم وجوبه ويوم عرفة عند الزوال وغسل الاحرام على الأصح وأوجبه ابن أبي عقيل ونقله المرتضى عن كثير منا والأولى حمل لفظ الفرض في الحديث به على تأكيد الاستحباب أو أن ثوابه ثواب الفرض كما ذكره الشيخ في التهذيب جمعا بين الاخبار مع أن في الرواية ضعفا وغسل الطواف وغسل زيارة النبي والأئمة عليهم السلام للرواية في ذلك كله وغسل قضاء صلاة الكسوف العارض للشمس والقمر للتارك عمدا مع استيعاب الاحتراق للقرص كله للخبر واقتصر المفيد والمرتضى على تركها متعمدا وأوجبه سلار واستقرب المصنف استحبابه لجاهل وجوب الصلاة أيضا وغسل المولود حين ولادته لأنه خرج من محل الخبث وللخبر وأوجبه ابن حمزة محتجا برواية ضعيفة وغسل السعي إلى رؤية المصلوب مع الرؤية بعد ثلاثة من صلبه وقيل من موته ولا شاهد له ولا فرق بين مصلوب الشرع وغيره عملا بالاطلاق وربما قيل باستحباب الغسل برؤية مصلوب غير الشرع من أول يوم لمساواته الأول بعدها في تحريم وضعه على الخشبة وكذا لا فرق بين المصلوب على الهيئة المعتبرة شرعا وغيره ولو قتل بغير الصلب لم يستحب الغسل للأصل وأول وقته الرؤية ونقل عن أبي الصلاح القول بوجوبه وللتوبة من فسق أو كفر وإن كان ارتدادا ووقته بعد التوبة والإسلام لتضييقهما وتقييدهم بالفسق يقتضى عدم الاستحباب للتوبة من صغيرة لا توجبه ويمكن دخوله في العموم والتعليل بالتفاؤل بغسل الذنب والخروج من دنسه وغسل صلاة الحاجة وصلاة الاستخارة للخبر وضعفه معتضد بعمل الأصحاب وغسل دخول الحرم والمسجد الحرام ومكة والكعبة والمدينة ومسجد النبي صلى الله عليه وآله للنص في ذلك كله ولا تتداخل هذه الأغسال عند اجتماع أسبابها لان كل واحد منه سبب مستقل في استحباب الغسل والأصل عدم تداخلها وإن تداخلت في بعض الصور فعلى خلاف أصلها لأمر عرضي من نص أو غيره ولاعتبار نية السبب وخصوصا مع انضمام واجب إليها لتضاد وجهي الوجوب والندب فأما أن ينوى الندب أو الوجوب أو هما ويلزم من الأول عدم ارتفاع الحدث لعدم رفع هذه الأغسال المندوبة الحدث بل قد تجامعه كما يصح غسل الاحرام من الحائض ومن الثاني نية وجوب ما ليس بواجب ومن
صفحہ 18
الثالث الجمع بين الضدين فإن اجتمعا فظاهر بطلانه وإن حصل أحدهما فهو ترجيح بلا مرجح وألحق التداخل مطلقا وخصوصا مع انضمام الواجب لما رواه زرارة عن أحدهما عليهما السلام إذا اجتمعت لله عليك حقوق أجزءك عنها غسل واحد قال وكذلك المرأة يجزيها غسل واحد لجنابتها واحرامها وجمعتها وغسلها من حيضها وعيدها والأول شامل لاجتماع المسنونة خاصة والواجبة خاصة واجتماعهما معا والاخر صريح في الاجتزاء بغسل واحد مع انضمام الواجب لكن مع اجتماع الأسباب المندوبة والأولى اشتراط نية الجميع لان نية السبب في المندوب مطلوبة إذ لا يراد به رفع الحدث بخلاف الواجبة ولو نوى البعض فالوجه اختصاصه بما نواه ومع انضمام الواجب يكفي أحد الامرين نية الواجب أو نية الجميع صرح به جماعة ولا يخلو من إشكال لتضاد الوجه واعتبار نية السبب ويمكن سقوط اعتبار السبب هنا ودخوله تحت الوجوب كما في الأذكار المندوبة خلال الصلاة الواجبة والصلاة على جنازتي من زاد عن الست ونقص عنها مع إن بعض مشائخنا المعاصرين مع حكمه بالتداخل مطلقا أسقط اعتبار السبب عملا بظاهر الرواية ولأنه حكم شرعي فلا يتوقف على اختيار المكلف فيكون معناه سقوط الاستحباب وزيادة ثواب هذا الغسل على غيره وهو قريب والتيمم يجب بأصل الشرع للصلاة والطواف الواجبين بل الصواب أنه يجب لما تجب له الطهارتان ويزيد عليهما لخروج الجنب من المسجدين ليدخل فيه التيمم لمس كتابة القرآن إن وجب وللصوم إن قلنا بوجوب التيمم مع تعذر الغسل لئلا يدخل في قوله و المندوب ما عداه وشمل قوله لخروج الجنب من أجنب في المسجد باحتلام كما ورد به النص وبغيره ومن دخل مجنبا لاشتراك الجميع في العلة وهو قطع شئ من المسجدين جنبا فإنه محرم بدون الطهارة مع الامكان وإطلاق الحكم بالتيمم مبنى على الغالب من عدم وجود ماء في المسجدين يصلح للغسل من غير تلويث المسجد بالنجاسة خصوصا في مورد النص و هو الاحتلام فيهما فإنه يستلزم النجاسة أو على الغالب من نقصان زمانه على زمان الغسل ولو فرض تساوى زمانيهما أو نقصان زمان الغسل وأمكن الغسل في المسجد وجب الغسل وإطلاق الخبر بالتيمم مقيد بعدم ذلك جمعا بينه وبين ما دل على اشتراط عدم الماء في جواز التيمم مع احتمال التيمم مطلقا لظاهر النص في تخصيص التيمم بالذكر مع حرمة الكون في المسجد ويؤيده ما روى أن الحائض إذا أصابها الحيض تفعل ذلك وهو دليل على عدم اعتبار الطهر في هذا التيمم وفي المعتبر نفى الوجوب عن الحائض وإن استحب لأنه لا سبيل لها إلى الطهارة بخلاف الجنب ورده الشهيد ره بأنه اجتهاد في مقابلة النص ثم عارضه باعترافه بالاستحباب ويشكل بان المحقق طعن فيه في الرواية بالقطع فلا حجة فيها فيرجع إلى الاجتهاد ويصح استناد الاستحباب إلى الرواية للتسامح في دلائل السنن ويمكن كون التيمم مبيحا لهذا الجواز وإن كان الحدث باقيا والظاهر إلحاق النفساء بالحائض هنا لأنها حائض في المعنى دون المستحاضة المخاطبة بالغسل لعدم النص وإنما قيدنا جواز الغسل في المسجد مع إمكانه بمساواة زمانه لزمان التيمم أو قصوره عنه مع أن الدليل يقتضى تقديمه مطلقا مع إمكانه لعدم العلم بالقائل بتقديمه مطلقا أولا كان القول به متوجها بقي هنا بحث وهو أن هذا التيمم للخروج من المسجدين هل يبيح الصلاة ونحوها قيل لا لوجوب الخروج عقيبه بغير فصل متحريا أقرب الطرق فعلى هذا لا ينوى فيه البدلية والتحقيق أن يقال إن كان الغسل ممكنا في المسجد ولم نقل بتقديمه على التيمم فلا إشكال في عدم إباحة هذا التيمم للاجماع على عدم إباحة الصلاة بالتيمم مع إمكان الغسل وإن لم يمكن في المسجد فلا يخلو أما أن يكون الغسل ممكنا خارجا كما لو كان الماء موجودا ولا مانع لهذا المتيمم من الغسل من مرض ولا غيره وهنا يتوجه أيضا عدم إباحته للصلاة لان وقوعها في المسجد
صفحہ 19
ممتنع لوجوب المبادرة إلى الخروج وبعد الخروج يتمكن من الغسل فيفسد التيمم وإنما شرع التيمم هنا مع إمكان الغسل خارجا لتحريم المرور في المسجدين من دون الغسل أو التيمم فإذا تعذر الغسل داخله قام التيمم مقامه في إباحة قطع مسافته وإن كان الغسل (غير مقدور خارج المسجد فالوجه كون هذا التيمم مع تعذر الطهارة المائية يبيح صح) إلا على قول ولدا المصنف من عدم إباحة دخول المساجد مطلقا بالتيمم وسيأتي بطلانه ويمنع حينئذ وجوب المبادرة إلى الخروج وتحرى أقرب الطرق لان ذلك مشروط بإمكان الغسل خارج المسجد جمعا بين قولهم هنا كك و وقولهم في باب التيمم أنه يبيح ما يبيحه المائية ومن جملة ما يبيحه المائية اللبث في المسجدين وغيرهما فيصح اللبث والصلاة ولا يلحق باقي المساجد بالمسجدين في شرعية التيمم لعدم النص وقرب في الذكرى استحبابه لها للقرب إلى الطهارة وعدم زيادة الكون فيها على الكون له في المسجدين والفرق واضح بعد ورود النص ولأن قطع المسجدين مشروط بالغسل مع إمكانه بخلاف غيرهما من المساجد واستحباب قطعها بالغسل مع عدم اللبث لا يقتضى جوازه هنا مع استلزامه اللبث المحرم لان ذلك يحصل مع الغسل خارجها فلا يعارض ما دل على تحريم اللبث فيها للجنب ولو سلم فتركه أولى لان ترك ما هو عرضة للتحريم أولى من الطمع في تحصيل المندوب والتيمم المندوب بأصل الشرع ما عداه فيستحب بدلا من الوضوء المستحب في كل موضع يكون الوضوء رافعا لتحقق البدلية وهل يستحب بدلا من غير الرافع كنوم الجنب وذكر الحائض يحتمله لحلوله محل الرافع فغيره أولى والعدم لعدم النص ويستحب أيضا بدلا من غسل الاحرام مع تعذره وهل يستحب بدلا من غيره وجهان أرجحهما العدم لعدم النص وعلى القول برفع الغسل المندوب الحدث كما ذهب إليه المرتضى لا إشكال في الاستحباب ويكون مبيحا للصلاة ويستحب أيضا للنوم مع وجود الماء ولصلاة الجنازة على المشهور وادعى عليه الشيخ الاجماع وحجية المنقول منه بخبر الواحد كما قرر في الأصول يدفع منع المحقق له في المعتبر بعدم معرفته والظاهر في نيتها البدلية كغيرها لعدم المانع ورجح بعض المحققين عدمها فيهما فهذه ستة أقسام من الاثني عشر واجبة ومندوبة بأصل الشرع ثم أشار إلى الثلاثة الواجبة بسبب من المكلف بقوله وقد تجب الثلاثة بالنذر وشبهه كالعهد واليمين ويشترط في انعقاد نذر كل منها أن يكون راجحا لولا النذر سواء كان واجبا أم مندوبا على الأصح في الأول فالوضوء ينعقد نذره دائما لرجحان فعله دائما وهل ينصرف النذر إلى الرافع للحدث أو المبيح للصلاة أم الأعم وجهان والثاني لا يخلو من قوة ثم إن أطلق كان وقته العمر ويتضيق عند ظن الوفاة كنظائر من أفراد النذر المطلق وإن قيده بوقت واتفق فيه محدثا فالامر واضح وإلا بنى على الوجهين فإن لم نعتبر أحد الامرين وجب التجديد وإن اعتبرناه لم يجب الوضوء لامتناع تحصيل أصل ولا الحدث لعدم وجوب تحصيل شرط الواجب المشروط ويجئ على القول برفع المجدد احتمال وجوبه لامكان أن يظهر بعد ذلك الخلل في الأول بل يحتمل وجوبه وإن لم يظهر ويضعفان معا بأنه الآن غير رافع لاستحالة تحصيل الحاصل فلا يخاطب به ولو اتفقت المرأة حائضا في الوقت المعين وحضر وقت صلاة بنى على الوجهين أيضا وأما الغسل فإن قيده في نذره بأحد أسبابه الراجحة انعقد وإن أطلق أوقعه على أحد تلك الأسباب وفي أجزاء الواجب ح منه ومن الوضوء وجه ثم إن عين زمانا ولم يوجد السبب فيه بطل النذر وأما التيمم فلما كانت مشروعيته مشروطة بعدم الماء أو عدم التمكن من استعماله اشترط ذلك في انعقاد نذره فيتوقع مع الاطلاق ويبطل مع التعيين حيث لا يتعذر استعمال المائية ولا يجب عليه تحصيل سببه بالحدث كما مر ويشترط في صحة نذره إطلاقه أو تعليقه بأحد أسبابه الراجحة ففي الواجب الحكم ظاهر وفي بدل المندوب من الوضوء يشترط كونه رافعا كما تقدم ومن الغسل يختص بغسل الاحرام هذا كله إذا نذر كل واحد من الثلاثة على حدته أو نذرها بلفظ يشملها كان نذر الطهارة ملاحظا إطلاقها على
صفحہ 20
الأنواع الثلاثة أما لو نذر الطهارة مطلقا ففي تخييره بين الثلاثة أو حمله على المائية خاصة أو على الترابية أوجه مبنية على ما سلف من الكلام على أن مقولية الطهارة على الثلاثة هل هو بطريق الاشتراك أو التواطؤ أو التشكيك أو الحقيقة والمجاز فعلى الأولين يبر بكل واحد من الثلاثة لكن يشترط في التيمم تعذر الآخرين وعلى الثالث يحتمل قويا ذلك أيضا ويحتمل انصرافه إلى الفرد الأقوى وهو المائية خاصة قطعا وقد سبق تحقيقه النظر الثاني في أسباب الوضوء بضم الواو اسم للفعل مأخوذ من الوضاة بالمد وهي النظافة والنظارة وهو اسم مصدر لان قياس المصدر التوضؤ كالتعلم والتكلم وتقول توضأت بالهمزة ويجوز على قلة توضيت بالياء وكذا قرأت ونحوهما والوضوء بفتح الواو اسم للماء الذي يتوضأ به وقيل هما جميعا بالفتح وقيل بالضم وإطلاق الأسباب على الاحداث المعهودة باعتبار استلزامها الطهارة أما وجوبا أو ندبا فإن السبب عند الأصوليين هو كل وصف ظاهر منضبط دل الدليل على كونه معرفا لاثبات حكم شرعي لذاته وهو هنا عبارة عن الوصف الدال على المخاطبة بالطهارة وجوبا أو ندبا ولا يرد حدث الصبي و المجنون والحائض فإن حدثهم بحسب ذاته دال عليها مستلزم لها وإنما تخلف الحكم لعارض وهو فقد الشرط في الأولين و وجود المانع في الأخير وتخلف الحكم لفقد الشرط أو وجود المانع لا يقدح في السببية كما قرر في محله وعدم تكليفهما لا يدل على عدم ترتب حكم السببية ولو بالقوة ولهذا تجب عليهما الطهارة عند الكمال بالسبب الحاصل قبله كما صرح به الشهيد ره وغيره ويعلم من ذلك أن التعبير عن الاحداث بالأسباب أولى من التعبير بالنواقض والموجبات كما فعله غيره لان تسميتها نواقض باعتبار تعقبها لطهارة سابقة وظاهر أن الحدث أعم من ذلك وتسميتها موجبات باعتبار وجودها عند تكليف المكلف بما يشترط فيه الطهارة أو عند وجود السبب فيما وجب منها لنفسه كغسل الجنابة عند المصنف وغسل الأموات وظاهر أيضا أن الاحداث أعم من ذلك فالأسباب أعم منهما مطلقا أما من النواقض فلاجتماعهما في حدث تعقب طهارة وتخلف الأسباب فيما عدا ذلك ولا يتصور تخلف ناقض عن سبب بعدما تلوناه وأما من الموجبات فلانه يصدق على الاحداث السببية عند وجودها حال براءة ذمة المكلف من مشروط بالطهارة ولا يصدق الموجبية حينئذ وأما النواقض فبينها وبين الموجبات عموم من وجه لصدق الناقض بدون الموجب في حدث تعقب طهارة صحيحة مع خلو ذمة المكلف من مشروط بها ويصدق الموجب بدون الناقض في الحدث الحاصل عقيب التكليف بصلاة واجبة من غير سبق طهارة ولا يرد أن الوجوب حاصل من قبل حيث لم يكن متطهرا فيلزم تحصيل الحاصل أو اجتماع علتين على معلول شخصي لأنا نقول أن كل واحد من الحدث السابق والمفروض لو انفرد كان موجبا وليس للاجتماع مدخل في نفى هذا الحكم والاحداث كلها معرفات شرعية للأحكام لا علل عقلية ويصدقان معا في الحدث المتعقب لطهارة شرعية مع اشتغال ذمة المكلف بمشروط بها ونبحث في هذا النظر أيضا عن كيفيته أي الوضوء وإطلاق الكيفية على الذات من حيث أنه يسئل عنها بكيف هي أنما يجب الوضوء خاصة من خروج البول والغائط والريح من الموضع المعتاد لخروج هذه الثلاثة منه وهو المخرج الطبيعي وإطلاق المعتاد عليه باعتبار التعريف لا لملاحظة اشتراط اعتبار الخروج منه فيجب الوضوء بالخارج منه بأول مرة بمعنى كون الخروج سببا فيه وإن تخلف تأثيره لفقد شرط كالصغر ولو خرجت الثلاثة من غير الموضع الطبيعي أوجبت إن اعتيد وإلا فلا ويمكن دخوله في العبارة أيضا سواء كان فوق المعدة أم تحتها هذا مع عدم انسداد الطبيعي ومعه لا يعتبر من غيره الاعتياد ويصير معتادا بالخروج منه مرتين متواليتين عادة ويعلم من الحصر
صفحہ 21