غضب الكريم وإن تأجّج ناره ... كدخان عود ليس فيه سواد
وينبغي للسلطان أن يؤخر العقوبة إلى انكسار غضبه، ويعجّل مكافأة المحسنين ويستعمل الأناة فيما يحدث، ففي تأخير العقوبة إمكان العفو، وفي تعجيل المكافأة مسارعة الأولياء إلى الطاعة. وينبغي أن يكون وزيره مصلحا، فإن الوزير إذا صلح صلح الملك، وإذا فسد فسد الملك:
وإصابة الخلفاء فيما حاولوا ... مقرونة بكفاية الوزراء
في أمثالهم: لا تسأل عن السلطان من هو؟ وانظر إلى الوزير من هو؟ لن يفلح وزير عند أمير ما طلع ابنا جمير، وسمر ابنا سمير «١»، اتل على كلّ من وزر: كَلَّا لا وَزَرَ
«٢»، ألا أخبركم بالنفس الوزّارة، نفس بلاها الله تعالى بالوزارة. كلّ وزير موسى إلّا وزير موسى «٣» . يقال: أحسن الوزراء حالا من أعدّ لكل أمر يجوز وقوعه عدّة، وأسوؤهم حالا من ترك الإعداد للنوازل ثقة بنفسه، واعتمادا بفطنته.
ويقال: من ظنّ من الملوك أنّ لعلمه فضيلة عن علم وزيره فقد غلط، وإن خالف بعد حجّة ظاهرة لم يفلح. وعن النبي ﷺ: «إذا أراد الله بأمير خيرا جعل له وزير صدق، إن نسي ذكّره، وإن ذكر أعانه، وإن أراد غير ذلك جعل له وزير سوء، إن نسي لم يذكّره، وإن ذكر لم يعنه» . ويقال: إذا أحبك الوزير فلا تخش الأمير، ولا تثقنّ بالأمير إذا أبغضك الوزير. قال الإسكندر لوزير وزر له مدّة طويلة، ولم ينبّهه على عيب: لا حاجة لي في خدمتك فإني إنسان،
1 / 57